للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومجتلى صور المعاني الرقاق، ومكامن قنائص الأذواق، به عبر الواجدون عن وجدهم، ومشى المحبون إلى قصدهم، وهورسول الاستلطاف، ومنزل الألطاف، اشتمل على الوزن المطرب، والجمال المعجب المغرب، وكان للأوطان مركباً، ولانفعال النفوس سبباً، فلا شيء أنسب منه للحديث في المحبة، ولا أقرب للنفوس الصبة، واجتلبت الكثير من الحكايات وهي نوافل فروض الحقائق، ووسائل مجالس الرقائق، ومراوح النفوس من كد الأفكار، وإحماض مسارح الأخبار، وحظ جارحة السمع من منح الاعتبار، وبعض الجواذب لنفوس المحبين، والبواعث لهمم السالكين، وحجتها واضحة بقوله تعالى: " وكلا نقص عليك " هود:١٢٠ في القرآن المبين، ونقلت شواهد من الحديث والخبر تجري صحاحها مجرى الزكاة من الأموال، والخواطر من الأحوال، ويجري ما سواها من غير الصحيح مجرى الأمثال، ليكون هذا الكتاب لعموم خيره، مسرحاً للفاره وغيره، ويجد كل ميداناً لسيره، وملتقطاً لطيره، ومحكاً لغيره، فمن فاق كلف بأصوله، ومن قصر قنع بفصوله، ومن وصل حمد الله تعالى على وصوله، وسميته روضة التعريف بالحب الشريف ويحتوي على أرض زكية، وشجرات فلكية، وثمرات ملكية، وعيون غير بكية.

والحب حياة النفوس الموات، وعلة امتزاج المركبات، وسبب ازدواج الحيوان والنبات، وسر قوله عز وجل {أومن كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به الناس كمن مثله في الظلمات} (الأنعام:١٢٢) ليس كالحب الذي دون المدونون، ولعبت بكرة أقباسه صوالج الجنون، وقاد الهوى أهله بحبل الهون، وساقت فيه المنى لمنون، حين نظرت النفوس من سفلى الجنبتين، ورضيت الأثر عن العين، وباعت الحق بالمين، ولم تحصل إلا على خفي حنين، وارحمنا لعشاق الصور، وسباق ملاعب الهوى والهور، لقد كلفوا بالزخارف الحائنة الحائلة، والمحاسن الزائفة الزائلة، وسلع الجبانة، وبضائع الإهانة، أزمان التمتع بهم قصيرة، والأنكاد عليهم مغيرة، فتراهم ما بين طعين بعامل

<<  <  ج: ص:  >  >>