للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قد، ومضرج بدم خد، وأسير ثغر قد أعوز فداؤه، وسقيم طرف قد أعضل داؤه، وما شئت من لل يسهر، ونداء به يجهر، وجيوب تشق، وبصائر تخطف أبصارها إذا لمع البرق، ونواسم تحمل التحيات، وخلع أيك تتلقى بخلع الأريحيات، وربما اشتد الختل، وأصابت النبل فكان الخبل، قلوب اشتغلت عن الله فشغلها الله بغيره، وهب الحب الجسماني لا تبعث عليه شهوة بهيمية، ولا تدعوإليه قوة وهمية، أليست الداعية مرتفعة، والباعثة منقطعة، وصورة الحسن دائرة، وأجزاؤه المتناظمة متناثرة أليس الجراب العنصري عائداً إلى أصله أليس الجنس مفارقاً لفصله ولله در علي رضي الله تعالى عنه، وقد نظر إلى قدح الماء وقد أراد أن يشرب، وعن الاعتبار أعرب، فقال: كم فيك من خد أسيل، وطرف كحيل! فأواه مكررة مرددة، ووالهفاه معادة مجددة، على قلب أصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها وهي خاوية على عروشها، ويقول يا ليتني لم أشرك بربي أحداً، وحسبنا مرارة الفراق ذلاً، وفقد النقد قلا، والغفلة عن الله شقاء محتوماً، والكآبة على الفائت شوماً:

صدني عن حلاوة التشييع ... اتقائي مرارة التودريع

لم يقم أنس ذا بوحشة هذا ... فرأيت الصواب ترك الجميع وإن كانت الشهوة فأخسس بها داعية، وإلى الفضيحة ساعية، حسبك من حمار يعلن بنداء المحبة نهاقه، ويقذفه على السباق اهتياجه إلى السفاد واشتياقه، أسير خبال، وصريع مبال، أولى له ثم أولى لوتأمل محاسن الجسوم، ما أكذب رائدها المطري، وأخبث زخرفها المغري، وأقصر مدة استمتاعها، وأكثر المساعي تحت قناعها:

على وجه مي مسحة من ملاحة ... وتحت الثياب العار لوكان باديا (١) ما ثم إلا أنفاس تركد وتخبث، وعلل تنشأ وتحدث، وزخارف حسن تعاهد ثم


(١) ينسب لذي الرمة (ديوانه: ٦٧٥) وقيل بل وضع على لسانه.

<<  <  ج: ص:  >  >>