إلا بالقليل التافه، بعد وداعه وانصرافه، فمن ذلك قوله وقد أبصر فتىً عائراً:
ومهفهف هافي المعاطف أحور ... فضحت أشعة نوره الأقمارا
زلت له قدم فأصبح عاثراً ... بين الأنام لعاً لذاك عثارا
لو كنت أعلم ما يكون فرشت في ... ذاك المكان الحد والأشفارا وقال:
أيا لبني الرفاء تنضي ظاؤهم ... جفون ظباهم فالفؤاد كليم
لقد قطع الأحشاء منهم مهفهف ... له التبر خد واللجين أديم
يسدد إذ يرمي قسي حواجب ... وأسهمها من مقلتيه تسوم
وتسقمني عيناه وهي سقيمة ... ومن عجب سقم جناه سقيم
ويذبل جسمي في هواه صبابة ... وفي وصله للعاشقين نعيم كان غرقه في أخريات عام تسعة وثلاثين وسبعمائة؛ انتهى.
٥٠ - وقال في الإكليل في ترجمة أبي عبد الله محمد بن محمد الشديد المالقي ما نصه: شاعر مجيد حوك الكلام، ولا يقصر فيه عن درجة الأعلام، رحل إلى الحجاز لأول أمره فطال بالبلاد المشرقية ثواؤه، وعميت أنباؤه، وعلى هذا العهد وقفت له على قصيدة بخطه غرضها نبيل، ومرعاها غير وبيل، تدل على نفس ونفس، وإضاءة قبس، وهي:
لنا في كل مكرمة مقام ... ومن فوق النجوم لنا مقام ومنها:
روينا من مياه المجد لما ... وردناها وقد كثر الزحام
فنحن هم، وقل لي من سوانا ... لنا التقديم قدماً والكلام
لنا الأيدي الطوال بكل صوب ... يهز به لدى الروع الحسام
ونحن اللابسون لكل درع ... يصيب السمر منهن انثلام