للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باسم كتابتها ووزاراتها، ناهضاً بالأعباء، صاعداً في درج التقريب والاجتباء، مصانعاً دهره في راح وراحة، آوياً إلى فضل وسماحة، وخضب ساحة، كلما فرغ من شأن خدمته، وانصرف عن رب نعمته، عقد شرباً، وأطفأ من الاهتمام بغير الأيام حرباً، وعكف على صوت يستعيده، وظرف يبديه ويعيده، فلما تقلبت بالرياسة الحال، وقوضت منها الرحال، استقر بالمغرب غريباً، يقلب طرفاً مستريباً، ويلحظ الدنيا تبعة عليه وتثريباً، وإن كان لم يعدم من أمرائه حظوة وتقريباً، وما يبوح بشجنه، ويرتاح إلى عهود وطنه، ومما أعرب به، عن براعة أدبه، قوله (١) :

يا نازحين ولم أفارق منهم ... شوقاً تأجج في الضلوع (٢) ضرامه

غيبتم عن ناظري وشخصكم ... حيث استقر من الضلوع مقامه

رمت النوى شملي فشتت نظمه (٣) ... والبين رام لا تطيش سهامه

وقد اعتدى فينا وجد مبالغاً ... وجرت بمحكم جوره أحكامه

أترى الزمان مؤخراً في مدتي ... حتى أراه قد انقضت أيامه تحملها يا نسيم نجدية النفحات، وجدية اللفحات، تؤدي عني إلى الأحبة نفحها سلاماً وتورد عليهم لفحها برداً وسلاماً، ولا تقل كيف تحملني ناراً، وترسل على الأحبة مني إعصاراً، كلا إذا أهديتهم تحية إيناسي، وآنسوا من جانب هبوبك نار ضرام أنفاسي، وارتاحوا إلى هبوبك، واهتزوا في كف مسرى جنوبك، وتعللوا بك تعليلاً، وأوسعوا آثار مهبك تقبيلاً، أرسلها عليهم بليلاً، وخاطبهم بلطافة تلطفك تعلياً، ألم تروني كيف جئتكم بما حملني عليلاً:


(١) الكتيبة: ١٦١؛ والبيتان الأولان في الدرر: ٢٧٢.
(٢) الكتيبة: في الفؤاد.
(٣) ق: شمله.

<<  <  ج: ص:  >  >>