للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لدى التبصر في المجالات التي يتم فيها تلبية مطالب الميول والدوافع الإنسانية نلاحظ أن كلا من هذه الميول والدوافع يمكن تلبيته في مجالات مختلفات، ومن هذه المجالات ما يتضمن شرًّا أو ضرًّا أو أذى أو يفضي إلى شيء من ذلك، وهذه المجالات قد وضع الإسلام لها حدودًا، ووضع على هذه الحدود إعلانًا بالمنع من اقترابها، أو اختراقها، والتجاوز إلى ما وراءها، والدخول في المجالات المحظورة المطوقة بهذه الحدود، ويمكن أن نُسمي هذه المجالات بالمناطق المحرمة في الإسلام.

وجل ما في الشريعة الإسلامية من محظورات كفت عنها لدى تلبية مطالب الميول والدوافع الإنسانية، هي مما يتضمن شرًّا أو ضرًّا أو أذى، أو يفضي إلى شيء من ذلك، وحينما كفت عن هذه المناطق فتحت لها مجالات كثيرات أخرى مباحة خالية من الشر والضر والأذى.

وبعض المناطق المحظورة في الإسلام مثلها كمثل شجرة آدم، الغرض من الحظر فيها امتحان إرادة الإنسان بين يدي أوامر الله ونواهيه، هل يطيع الله أو يعصيه؟ سواء عرف الحكمة منها أم لم يعرف، وذلك لأن ما في الكون كله ملك الله تعالى الذي خلقه، والإنسان في هذا الكون ضيف على مائدة الرحمن، ولصاحب الملك أن يمنع ضيوفه المكرمين عنده من أن يقربوا بعض مناطق في ملكه، أو أن يأكلوا أو يشربوا من بعض الأطعمة والأشربة التي توجد فيه، وذلك لغاية هو أعلم بها، وأكثر تقديرًا لوجوه الحكمة فيما أباحه وفيما حرمه، وأدنى ما في ذلك من حكمة امتحان عفة ضيوفه، ومدى تقيدهم بحق من كرمهم في داره ومائدته، وأذن لهم بمعظم ما فيها، إلا أنه منع عنهم أشياء طفيفة، اختبارًا لمدى شكرهم له، كما أنه لم يأذن لهم بما فيه شر أو ضر أو أذى.

وباستعراض ما حرمته الشريعة الإسلامية تتجلى لنا هذه الحقيقة، بوجهها المشرق.

وفيما يلي أمثلة من ذلك:

أ- فحينما حرم الإسلام الخمر والميسر بين لنا وجه الحكمة من التحريم قال الله تعالى في سورة "المائدة: ٥ مصحف/ ١١٢ نزول":

<<  <   >  >>