للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قلت: بل واجب، ويؤخذ ذلك من جزمه بالإضمار.

وقوله: ولفظها يُؤخَّر يعني: أنه لا يجوز تقديمها على الجملة، ولا على أحد جزأيها لشبهها بالتوكيد، ولأنهم تجوّزوا حذف عاملها، فلا يضم إليه تجوز آخر بالتقديم.

فإن قلت: قد تقدم أن الحال نوعان: مبينة ومؤكدة.

وقد ذكر النحويون أنواعا أُخَر، وهي المستصحبة نحو: "هذا زيدٌ راكبًا"، والمحكية نحو: "رأيت زيدا أمس ضاحكًا"، والمقدرة نحو: "مررت برجل معه صقرٌ صائدًا به غدا"١, والموطئة نحو: {لِسَانًا عَرَبِيًّا} ٢.

قلت: لا تستخرج هذه عن النوعين السابقين.

ولما كان أصل الحال الإفراد, نبه على أنها قد تكون جملة بقوله:

وموضع الحال تجيء جمله

ولوقوع الجملة مواقع الحال, شرطان:

أحدهما: أن تكون خبرية. فإن وقعت طلبية قدر القول كما في النعت, كقول أبي الدرداء٣: "وجدت الناس أخبر تَقله"٤ أي: "مقولا"٥ فيهم: أخبر تقله، وفي البسيط جوز الفراء وقوع الأمر ونحوه حالا.


١ أي: مقدرا ذلك.
٢ من الآية ١٢ من سورة الأحقاف.
٣ أبو الدرداء اسمه: عويمر بن زيد بن قيس الأنصاري، وقيل: اسمه عامر، وعويمر لقب. صحابي جليل أول مشاهده أحد، وكان عابدا. مات في آخر خلافة عثمان، وقيل: عاش بعد ذلك.
٤ وهو: أن "أخبر تقله" صفة للناس مع أنها طلبية, وهي مؤولة بمقولا فيهم: أخبر تقله، وظاهره أنه شعر، وليس كذلك، إنما هو مَثَل ضرب في ذم الناس وسوء معاشرتهم. والهاء في "تقله" للسكت بعد العائد، أعني: أن أصله: "أخبر الناس تقلهم" ثم حذف الهاء والميم، ثم أدخل هاء الوقف، وتكون الجملة في موضع النصب بوجدت, أي: وجدت الأمر كذلك.
قال أبو عبيد: "جاءنا الحديث عن أبي الدرداء الأنصاري -رضي الله عنه- قال: أخرج الكلام على لفظ الأمر ومعناه الخبر، يريد: أنك إذا خبرتهم قليتهم". ا. هـ. مجمع الأمثال للميداني ٢/ ٣٦٣ رقم ٤٣٥٧.
٥ ب، جـ, وفي أ "منقولا".

<<  <  ج: ص:  >  >>