للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قلت: هذا خلاصة ما ذكره المصنف نصرة لمذهبه، وهو منقول عن الزجاجي.

ولقائل أن يقول: ما استدل به لا ينهض دليلا على دعواه.

أما ما ذكره من إجماع أهل اللغة فغير مسلم لما نقله سيبويه عن الخليل، وقد تقدم.

وأما ما استشهد به من النظم فلا حجة فيه؛ لأن سيبويه ومن وافقه معترف بتصرفه في الشعر، وقد أنشد سيبويه بعضه١ ولم يذكر من تصرفه في النثر إلا جره بمن في الحديث٢, وقول بعض العرب: "أتاني سواك" وحكاه الفراء.

وأما الجر بمن, فقد تقدم أنه لا يعتدّ به في إخراج الظرف عن عدم التصرف.

وأما "أتاني سواك", فهو أقوى ما احتج به.

قال في البسيط: قال البصريون: هذا من "الشاذ"٣.

قلت: وكلام حاكيه -أعني الفراء- يدل على قلته، فإنه قال "في"٤ "سواك ومكانك وبدلك ونحوك ودونك": لا تستعمل أسماء مرفوعة.


١ قال سيبويه جـ١ ص٢٠٢: ... واعلم أن هذه الأشياء كلها قد تكون أسماء غير ظروف بمنزلة زيد وعمرو. ومن ذلك أيضا: هذا سواءك، وهذا رجل، فهذا بمنزلة مكانك إذا جعلته في معنى بدلك، ولا يكون اسما إلا في الشعر. قال بعض العرب: لما اضطر في الشعر جعله بمنزلة غير. قال الشاعر, وهو رجل من الأنصار:
ولا ينطق الفحشاء من كان منهم ... إذا قعدوا منا ولا من سوائنا
وقال الآخر, وهو الأعشى:
تجانف عن جو اليمامة ناقتي ... وما عدلت من أهلها لسوائكا
ويدلك على أن "سواءك" و"كزيد" بمنزلة الظروف, أنك تقول: مررت بمن سواءك.
٢ قال عليه الصلاة والسلام: $"دعوت ربي ألا يسلط على أمتي عدوا من سوى أنفسها ... ".
٣ أ، ج, وفي ب "الشواذ".
٤ "أ".

<<  <  ج: ص:  >  >>