قلت: يقدر تحويلهما إلى فعل -بكسر العين- ثم تنتقل الحركة، هذا مذهب كثير من النحويين، وبعضهم يقول لما حذفت العين حركت الفاء بكسرة مجتلبة للدلالة على أن العين ياء، ولبيان ذلك موضع غير هذا.
واحترز بقوله:"إن بؤل إلى فلت" من نحو: طال وقال، فإنه لا يئول إلى فلت -بالكسر- وإنما يئول إلى فلت -بالضم- في قولك: طلت وقلت. والحاصل أن الألف التي هي عين الفعل تمال إن كانت عن ياء نحو دان أو عن واو مكسورة نحو خاف، فإن كانت عن واو مضمومة نحو طال أو مفتوحة نحو قام لم تمل.
تنبيهات:
الأول: اختلف في سبب إمالة نحو طاب وخاف، قال السيرافي وغيره: إنها للكسرة العارضة في فاء الكلمة؛ ولذلك جعل السيرافي من أسباب الإمالة كسرة تعرض في بعض الأحوال، وهو ظاهر كلام الفارسي، قال: وأمالوا "خاف وطاب" مع المستعلى طلبا للكسر في خفت، وقال ابن هشام الخضراوي: الأولى إن الإمالة في "طاب" لأن الألف فيه منقلبة عن ياء، وفي "خاف" لأن العين مكسورة، أرادوا الدلالة على الياء والكسرة.
الثاني: نقل عن بعض الحجازيين إمالة نحو "خاف وطاب" وفقا لبني تميم، وعامتهم يفرقون بين ذوات الواو نحو "خاف" فلا يميلون، وبين ذوات الياء نحو "طاب" فيميلون.
الثالث: مفهوم قوله: "وهكذا بدل عين الفعل" أن بدل عين الاسم لا تمال؛ لكونها منقبلة عن الياء، وصرح بعضهم بشذوذ إمالة الألف المنقلبة عن ياء عينا في اسم ثلاثي، كقولهم: هذا عاب وناب -بالإمالة- وهو ظاهر كلام سيبويه، وقال صاحب المفصل: والمتوسطة إن كانت في فعل يقال فيه فعلت كطاب وخاف أميلت ولم ينظر إلى ما انقلبت عنه، وإن كانت في اسم نظر إلى ذلك فقيل ناب ولم يقل باب، وهذا يقتضي أن إمالة نحو ناب فيما عينه ياء جائزة إلا أنه ذكر بعد ذلك فيما شذ عن القياس إمالة عاب وألفه عن ياء، قال ابن يعيش: عاب بمعنى العيب، ويقع في بعض النسخ غاب -بالمعجمة- وألفه أيضا عن ياء.