للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال في شرح الكافية: وهو بعد ربما أحسن. ومثاله بعد "لا" والمراد بها النافية قوله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ} ١ وذلك لشبهها بالناهية.

ومذهب الجمهور منع التوكيد بالنون بعد "لا" النافية إلا في الضرورة، وأجازه المصنف وابن جني.

وتأول المانعون الآية فقيل: "لا" ناهية والجملة محكية بقول: "محذوف هو"٢ صفة "فتنة" فتكون نظير٣:

جاءوا بِمذْقٍ هَلْ رأيتَ الذِّئْبَ قَطْ

وقيل: "لا" ناهية أيضا وتم الكلام عند قوله: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً} ثم ابتدأ نَهْيَ الظلمة خاصة عن "التعرض"٤ للظلم فتصيبهم الفتنة خاصة، وأخرج النهي "عن"٥ إسناده للفتنة، فهو نهي محول كما قالوا: "لا أريَنَّك هاهنا"٦ وهذا تخريج المبرد والفراء والزجاج، وقال الأخفش الصغير: "لا تصيبنّ" هو على معنى الدعاء، وقيل: "لا تصيبن" جواب قسم، والجملة موجبة، والأصل "لتُصيبَنّ" كقراءة ابن مسعود وغيره، ثم أشبعت اللام، وهو ضعيف؛ لأن الإشباع بابه الشعر، وقيل: جواب قسم، ولا: نافية ودخلت النون تشبيها بالموجب وكما دخلت في قوله٧:

تالله لا يحمدن المرء مجتنبا

وقال الفراء: الجملة جواب الأمر، كقولك: "انزل عن الدابة لا تطرَحَنَّكَ" "ولا: نافية ومَن منع النون بعد دخول "لا" النافية منع "انزل عن الدابة


١ من الآية ٢٥ من سورة الأنفال.
٢ ب، ج.
٣ مضى هذا البيت في باب النعت.
٤ ب، ج.
٥ ب، ج، وفي أ "على".
٦ "لا أرينك" هو نهي محول عن إسناده للمخاطب إلى إسناده للمتكلم، والأصل: لا تأتِ، فحول النهي عن الإتيان الذي هو سبب لرؤيته إلى المسبب الذي هو الرؤية. هـ صبان.
٧ مضى هذا البيت في نفس الباب.

<<  <  ج: ص:  >  >>