للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا جواب كم؛ كأنه قال: كم قصرن عليه؟ وكم١ ظرف٢ ومنصوبة الموضع, فكان٣ قياسه أن يقول: ستة أشهر؛ لأن كم سؤال عن قدر من العدد محصور, فنكرة هذا كافية من معرفته, ألا ترى أن قولك: عشرون والعشرون وعشروك "ونحو ذلك"٤ فائدته في العدد واحدة, لكن المعدود معرفة مرة ونكرة أخرى. فاستعمل الشتاء وهو معرفة في جواب كم. وهذا تطوّع بما لا يلزم. وليس عيبًا بل هو زائد على المراد. وإنما العيب أن يقصر في الجواب عن مقتضى السؤال, فأمَّا إذا زاد عليه فالفضل معه واليد له.

وجاز أن يكون الشتاء جوابًا "لكم" من حيث كان عددًا في المعنى, ألا تراه ستة أشهر. وافقنا٥ أبو علي -رحمه الله- على هذا الموضع من الكتاب وفسره ونحن بحلب, فقال: إلا في هذا البلد فإنه ثمانية أشهر. يريد طول الشتاء بها.

ومن ذلك قولك في جواب من قال لك: الحسن٦ أو الحسين أفضل أم ابن الحنفية: الحسن أو قولك: الحسين. وهذا تطوع من المجيب بما لا يلزم. وذلك أن جوابه على ظاهر سؤاله أن يقول له: أحدهما ألا ترى أنه لما قال له: الحسن أو الحسين أفضل أم ابن الحنفية فكأنه قال: [أ] ٧أحدهما أفضل أم ابن الحنفية, فجوابه على ظاهر سؤاله أن يقول: أحدهما. فقوله: "الحسن" أو قوله: الحسين فيه زيادة تطوع بها لم ينطو السؤال على استعلامها. ونظير قوله في الجواب على اللفظ أن يقول: الحسن "أو الحسين"؛ لأن قوله: "أو الحسين" بمنزلة أن


١ في د، هـ، ز: "فكم".
٢ سقط حرف العطف في ز.
٣ في د، هـ، ز: "وكان".
٤ سقط في ش.
٥ في هـ: "وافقنا".
٦ هذه المسألة من مسائل الإيضاح لأبي علي الفارسي. وانظر أمالي ابن الشجري ٢/ ٣٣٦.
٧ زيادة خلت منها الأصول.

<<  <  ج: ص:  >  >>