للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويرضيني ويدعوني ويغزوني"١؛ ألا ترى أنك إذا جعلت الياء هي الروي فقد زالت الياء أن تكون ردفًا لبعدها عن الروي. نعم وكذلك لما كانت النون رويًّا كانت الياء غير لازمة. وإن أنت جعلت الياء الروي فقد التزم فيه خمسة أحرف غير لازمة, وهي الراء والنون والدال والياء والنون؛ لأن الواو يجوز معها "ألا ترى أنه يجوز معها"١ في القولين جميعًا يغزوني ويدعوني.

ومما يسأل عنه من هذا النحو قول الثقفي يزيد بن الحكم:

وكم منزل لولاي طحت كما هوى بها ... بأجرامه من قلّة النيق منهو٢

التزم الواو والياء فيها كلّها.

والجواب أنها واوية لأمرين: أحدهما أنك إذا جعلتها واويَّة كانت مطلقة, ولو جعلتها يائية كانت مقيدة، والشعر المطلق أضعاف المقيد، والحمل٣ إنما يجب أن يكون على٤ الأكثر لا على الأقل.

والآخر أنه قد التزم الواو, فإن جعلت القصيدة واويَّة فقد التزم واجبًا, وإن جعلتها يائية فقد التزم غير واجب, واعتبرنا هذه اللغة وأحكامها ومقاييسها, فإذا الملتزم أكثره واجب "وأقله غير واجب"٥ والحمل على الأكثر دون الأقل.

فإن قلت: فإن هذه القلّة أفخر من الكثرة, ألا ترى أنها دالة على قوة الشاعر. وإذا كانت أنبه وأشرف كان الأخذ يجب أن يكون بها, ولم يحسن العدول عنها مع القدرة عليها. وكما أن الحمل على الأكثر, فكذلك يجب أن يكون الحمل على الأقوى أولى من الحمل على الأدنى.


١ سقط ما بين القوسين في ش.
٢ تقدم شيء منها في ص١٠٧ من هذا الجزء.
٣ كذا في د، هـ،، ز. وفي ش: "المحمل" وهو مصدر ميمي بمعنى الحمل.
٤ سقط في ش.
٥ سقط ما بين القوسين في د، هـ، ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>