للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وجه الرد منه أن "أيهم" مبنية على الضم، وغير الموصولة لا تبنى ولا يصلح هنا، وإذا انتفى غير الموصولة تعينت الموصولة وهو المدعى، وهي الملازمة للإضافة لفظا أو تقديرا إلى معرفة، "ولا تضاف لنكرة لتكون خلافا لابن عصفور" وابن الضائع، بالضاد المعجمة والعين المهملة، فإنهما أجازا إضافتها إلى نكرة وجعلا من ذلك: {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} [الشعراء: ٢٢٧] ، فـ"أي" عندهما موصولة، و"يعلم" بمعنى: يعرف، والتقدير: وسيعرف الذين ظلموا المنقلب الذي ينقلبونه، ومذهب الجمهور أن "أيا" هنا استفهامية منصوبة ينقلبون على أنها مفعول مطلق، و"يعلم" على بابه، وهو معلق عن العمل فيما بعده لأجل الاستفهام بـ"أي"، والتقدير: وسيعلم الذين ظلموا ينقلبون أي: انقلاب.

"و" أي الموصولة "لا يعمل فيها إلا" عامل "مستقبل متقدم" عليها "نحو: {لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ١ أَشَدُّ} [مريم: ٦٩] خلافا للبصريين" في الاستقبال والتقديم٢ قال في التسهيل: ولا يلزم استقبال عامله ولا تقديمه، خلافا للكوفيين٣. وقال أبو حيان في شرح التسهيل: "وسأل الكسائي" في حلقة يونس: "لم لا يجوز: أعجبني أيهم قام"؟ فمنع من ذلك، فقيل له: لمه؟ فلم يلح له وجه المنع، "فقال: أي كذا خلقت" ا. هـ.

أي: كذا وضعت. قال ابن السراج موجها قول الكسائي بالمنع ما معناه إن "أيا" وضعت على العموم والإبهام، فإذا قلت: يعجبني أيهم يقوم، فكأنك قلت: يعجبني الشخص الذي يقع منه القيام كائنا من كان، ولو قلت: أعجبني أيهم قام لم يقع إلا على الشخص الذي قام؛ فأخرجها ذلك عما وضعت له من العموم، وإنما اشترط كون العامل فيها متقدما مع كونه مستقبلا لأجل الفرق بين الشرطية والاستفهامية، وبين الموصولة؛ لأن الشرطية والاستفهامية لا يعمل فيهما إلا متأخر، والمشهور عند الجمهور إفرادها وتذكيرها، "وقد تؤنث وتثنى وتجمع" عند بعضهم، فتقول: أية وأيان وأيتان وأيون وأيات، "و" على الحالين "هي معربة، فقيل مطلقا"، سواء أضيفت أم لم تضف، ذكر صدر


١ الرسم المصحفي {أَيُّهُمْ} بالرفع، وقرأها بالنصب: هارون ومعاذ وطلحة والأعرج والأعمش. انظر البحر المحيط ٦/ ٢٠٩، ومغني اللبيب ١/ ٧٧، والإنصاف ٢/ ٧١١، وشرح ابن عقيل ١/ ١٦٥، والكتاب ٢/ ٣٩٩.
٢ الإنصاف ٢/ ٧١١.
٣ الإنصاف ٢/ ٧٠٩, ٧١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>