للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دية هنا مع أنه ذكرها فيما قبله، وذكره لهذا قسمًا مفردًا يدل على أنه لم يدخل في عموم الآية التي احتج بها من أوجب الدية مع الكفارة هنا، ويخص بها عموم ما ورد١.

وقد علل ذلك التقسيم بأن الإنسان يتصرف بفعل القلب، والجوارح، فيحتمل في كل منهما الخطأ على الانفراد٢.

أما بالنسبة للإرادة الفاعلة المختارة، فهي شرط أساسي لكي تكون الجناية عمدية.

فإذا انتفت يعتد به، تغير التجريمي للواقعة أما إذا كان انتفاء الإرادة لا يرقى إلى تغيير الوصف التجريمي للواقعة، فإنه يعد انتفاء لا أثر له، ويعامل الفاعل معاملة المريد المختار لسلوكه.

وعلى هذا إذا ما أكره شخص على ارتكاب جناية قتل، فقام بارتكابها فإن هذا الشخص يعامل على أساس أنه فاعل مختار لما أتى، وذلك؛ لأن الضرر المدفوع عن نفسه لا يزيد عن الضرر الذي وقع منه.

كما أن الضرر الذي يدفعه عن نفسه غير متيقن، ومثل هذا لا يجوز دفعه بما هو أكثر منه، أو مثله من ضرر متيقن، وعلى هذا فإنه لا يجوز أن يقوم شخص بقتل

آخر تحت تأثير الإكراه بالقتل، وأنه إن فعل ذلك لم يكن له فيما فعله عذر.

وأيضًا لا يجوز لمكره قطع عضو من إنسان تحت تأثير الإكراه بقطع عضو من أعضائه هو إن لم يفعل، فإن نفذ ما أكره عليه لم يعد


١ المغني ج٧ ص٦٥٠-٦٥٢ مواهب الجليل ج٦ ص٢٤١، المهذب ج٢ ص١٨٩ مغني المحتاج ج٤ ص٣-٥ بدائع الصنائع ج٧ ص١٧٩ مغني البحر الرائق ج٨ ص٧٤.
٢ تبيين للحقائق للزيلعي ج٦ ص١٠١.

<<  <   >  >>