للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واعلم أن الإمام ابن القيم قدس الله تعالى روحه انتصر لهذا القول أنتصاراً عظيماً، ومال إليه ميلاً جسيماً، وذكر له خمسة وعشرين دليلاً، ثم رجع القهقرى وقال: إن قيل إلى أين أنتهى قدمك في هذه المسالة العظيمة؟ قيل: إلى قوله تعالى: {إن ربك فعال لما يريد} وإلى هنا انتهى قدم أمير المؤمنين على بن أبي طالب كرم الله تعالى وجهه فيها، حيث ذكر دخول أهل الجنة وأهل النار، وما يلقاه هؤلاء وهؤلاء، وقال: ثم يفعل الله بعد ذلك ما يشاء، وما كان من خطإ فهو مني ومن الشيطان، والله تعالى ورسوله بريئان منه.

وقال السفاريني في شرح قصيدته: إن لشيخ الإسلام أيضاً ميلاً إلى هذا القول انتهى. وفي الدر المنثور للإمام السيوطي على تفسير هذه الأية في سورة هود ما نصه: أخرج ابن المنذر عن الحسن قال: قال عمر - رضي الله عنه - لو لبث في النار كقدر رمل عالج لكان لهم يوم على ذلك يخرجون فيه. وأخرج إسحق بن راهوية عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سيأتى على جهم يوم لا يبقى فيها احد، وقرأ {فأما الذين شقوا} الآية – وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن إبراهيم قال: ما في القرآن آية أرجى لأهل النار من هذه الآية: {خالدين فيها مادامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك} قال: وقال ابن مسعود: ليأتين عليها زمان تخفق أبوابها.

وأخرج ابن جرير عن الشعبي قال: جهم اسرع الدارين عمراناً، وأسرعهما خراباً. انتهى – وفي شرح عقيدة الإمام الطحاوى بعد كلام طويل ما نصه:

السابع – أنه سبحانه يخرج منها من يشاء كما ورد في السنة، ثم يبقيها ما يشاء ثم يفنيها، فإنه جعل لها أمداً تنتهى إليه.

الثامن - أن الله تعالى يخرج منها ما يشاء كما ورد في السنة ويبقى فيها الكفار بقاء لا لانقضاء كما قال الشيخ يعنى الطحاوى: وما عدا هذين القولين م الأقوال المتقدمة ظاهر البطلان. وهذان القولان لأهل السنة، ولينظر في دليلهما، فمن أدلة القول الأول قوله تعالى: {قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله إن ربك حكيم عليم} وقوله تعالى: {فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق، خالدين فيها مادامت السماوات والأرض إلا ماشاء ربك إن ربك فعال لما يريد} ولم يات بعد هذين الاستثنائين ما أتى بعد الاستثناء المذكور لأهل الجنة، وهو قوله: {عطاء غير مجذوذ} وقوله تعالى: {لابثين فيها أحقاباً} وهذا القول أعنى بفناء النار دون الجنة - منقول عن عمر، وابن مسعود، وأبي هريرة، وأبي سعيد وغيرهم، ورواه عن عمر عبد ابن حميد في تفسيره المشهور.

<<  <   >  >>