للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عندي، ويناظراني ويقيمان معي، حتى إذا كان وقت الإفطار جئ بالطعام ويجتهدان بي أن أفطر فلا أفعل. قال ابي: ووجه إلى - يعني المعتصم - ابن أبي داود في بعض الليل فقال: إن أمير المؤمنين يقول: ما تقول؟ فأرد عليه مثل ما كنت أرد. فقال ابن أبي داود: والله لقد كتب أسمك في السبعة: يحيى بن معين وغيره فمحوته، ولقد ساءني أخذهم إياك. ثم يقول إن أمير المؤمنين قد حلف أن يضربك ضرباً بعد ضرب، وإن يلقيك في موضع لا ترى فيه الشمس، ويقول إن أجابني جئت إليه حتى أطلق عنه بيدي، ثم انصرف.

فلما أصبح - وذلك اليوم الثاني - جاء رسوله وأخذ بيدي حتى ذهب بي إليه فقال لهم: ناظروه كلموه فجعلوا يناظرونني ويتكلم هذا من ههنا فأرد عليه، ويتكلم هذا من ههنا فأرد عليه، فإذا جاءوا بشئ من الكلام مما ليس في كتاب الله عز وجل ولا سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا فيه خبر قلت: ما أدرى ما هذا، قال: يقول يا أمير المؤمنين: إذا توجهت له الحجة علينا ثبت، وإذا كلمناه بشئ يقول لا أدري ما هذا.

فقال: ناظروه، فقال رجل: يا أحمد، أراك تذكر الحديث وتنتحله؟ قلت: ما تقول في {يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين} [النساء ١] فقال: خص الله عز ودل بها المؤمنين. فقلت: ما تقول إن كان قائلاً أو عبداً أو يهودياً؟ قال: فسكت. وإنما احتجت عليهم بهذا، لأنهم كانوا يحتجون بظاهر القرآن، وحيث قال لي: أراك تنتحل الحديث، فلم يزالوا كذلك إلى أن قرب الزوال، فلما ضجر قال لهم: قوموا، وخلا بي وبعبد الرحمن بن إسحق، فلم يزل يكلمني. ثم قال فدخل ورددت إلى الموضع، فلما كان الليل نام من معي من أصحابي وأنا متفكر في أمري، فإذا برجل طويل يتخطي الناس حتى دنا مني فقال: أنت أحمد بن حنبل؟ فسكت، فقالها ثانية فسكت، فقالها ثالثة: أنت أبو عبد الله أحمد بن حنبل؟ قلت: نعم قال:

<<  <   >  >>