وترانا للأسف الشديد- مع كل ذلك- نستعين بأهلها ونطمئن إليهم ونترجاهم لمعاونتنا ونتوادد أو نتودد إليهم ونخنع لهم، على ادعاء أننا نعمل باستقلالية تكافئية لا خوف منها على مصالحنا. ونجري معهم الصداقات آمنين، رغم ما يكنونه للإسلام وأهله من حقد دفين وعداء غائر ورغبة في الانتقام الذي لا يبقي ولا يذر. يجري ذلك مع كل التحذيرات التي وعاها السلف الصالح وجهلها أو تجاهلها أو أهملها الخلف. ورغم الأمثلة والشواهد والأحداث التي ما فتئت تشرح ذلك دون توقف، من أقدم الأوقات وأول المواجهات على مدار التاريخ وحتى الوقت الحاضر، هي دائرة في مدارها مهما تبرقع ذلك كله وأمثاله.
وفي القرآن الكريم آيات كثيرة ساقها الله سبحانه وتعالى لنعيها ونتفهمها ونعمل بها. فيقول الله سبحانه وتعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبالًا وَدُّوا ما عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضاءُ مِنْ أَفْواهِهِمْ وَما تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (١١٨) ها أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتابِ كُلِّهِ وَإِذا لَقُوكُمْ قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ [آل عمران: ١١٨- ١١٩] .
وحين نقارن أي وضع في أي من الحضارات- قديمها وحديثها، لا سيما المعاصرة منها- فإن هذه المقارنة لا تتم مقابل أوضاعنا الحالية بأي مقدار أو اعتبار أو منظار، لكنها تتم مع الحياة الإسلامية ماضيا ومستقبلا، إن شاء الله تعالى.
إلّا أن هذه الحضارة أو المدنية المعاصرة- من الناحية الآخرى- كثيرا جدا ما استثارت في الإنسان حيوانيته، من كافة النواحي البشرية، وأخذت به إلى درك بعيد جدا عن إنسانيته، التي أرادها الله له أن تتحقق بهذا الدين.
واستقرار واستمرار حالها المتردي تماما، لا بد أن يكون لها مثل هذه الثمار