للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

على البلايا جاهلٌ لا معرفةَ له بثقافة الصبر، ويجزع عندها من لديه الثقافة الواسعة، والمعلومات الغزيرة حول الصبر؛ فلهذا فإن ممارسة الصبر شيء، ومعرفة فضله وآثاره، وحفظ معلوماته شيء آخر.

إن المسلم حينما يصبر على مُرِّ القضاء، ويتلقى المكاره بالرضا، ويتطلع إلى العاقبة الحسنى؛ تهون عليه مصائبه، ويفتح لنفسه بصبره باب فرج.

قال ابن القيم: "من تلمح حلاوة العافية، هان عليه مرارة الصبر" (١).

أسباب معينة على الصبر:

إذا أراد المسلم تهوين البلاء، والإعانة على الصبر عليه حتى يكون خلقًا لازمًا من أخلاقه فهناك بعض الأسباب المعينة على ذلك، فمنها:

أولاً: استشعار الأجر على المصيبة؛ فإن المصائب إذا صبر عليها المسلم ابتغاء وجه الله أُجر أجراً عظيمًا.

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: (إنّ اللّه- عزّ وجلّ- قال: إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه، فصبر عوّضته منهما الجنّة) يريد: عينيه (٢).

وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على أم السائب أو أم المسيب فقال: (ما لك تزفزفين (٣) قالت: الحمى، لا بارك الله فيها، فقال: (لا تسبي الحمى؛ فإنها تُذهب خطايا بني آدم كما يذهب الكير خبث الحديد (٤).

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يود أهل العافية يوم القيامة حين يُعطى أهل


(١) الفوائد، لابن القيم (ص: ٥٠).
(٢) رواه البخاري (٥/ ٢١٤٠).
(٣) تزفزفين: أي: ترعدين. الديباج على مسلم، للسيوطي (٥/ ٥١٥).
(٤) رواه مسلم (٤/ ١٩٩٣).

<<  <   >  >>