للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قال الشاعر:

صَبَرْتُ عَلَى الْأَيَّامِ حَتَّى تَوَلَّتِ … وَأَلْزَمْتُ نَفْسِي صَبْرَهَا فَاسْتَمَرَّتِ

وَمَا النَّفْسُ إلَّا حَيْثُ يَجْعَلُهَا الْفَتَى … فَإِنْ طَمِعَتْ تَاقَتْ وَإِلَّا تَسَلَّتِ (١).

ثمرة الصبر:

فإذا رُزق الإنسان الصبرَ بعد مجاهدة نفسه عليه أضاء له صبرُه طريقَ النجاة في ظلمات الكريهات، وعرف كيف يتعامل التعامل الصحيح مع نوازل المصيبات، وهذه نعمة من أجل النعم التي يعطيها الله تعالى للعبد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (والصبر ضياء) (٢). " أي: لا يزال صاحبه مستضيئًا مستهديًا مستمراً على فعل الصواب" (٣). فيكون له به " نور قوي تنكشف به الكربات، وتنزاح غياهب الظلمات، فمن صبر على مكروه أصابه؛ علماً بأنه من قضاء الله؛ هان عليه" (٤).

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وما أُعطي أحد عطاء خيراً، وأوسع من الصبر) (٥). " وذلك لأن مقام الصبر أعلى المقامات؛ لأنه جامع لمكارم الصفات والحالات؛ ولذا قُدِّم على الصلاة في قوله تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ} [البقرة: ٤٥] " (٦).

وحين تدلهم الخطوب، وتنزل بساحة المرء الكروب، فيتلقاها بالصبر بعد أن راضَ نفسه عليه، يصير الصبر واقعًا، وليس شعاراً تردده اللسان، أو تخطه البنان؛ إذ قد يصبر


(١) أدب الدنيا والدين، للماوردي (ص: ٢١).
(٢) رواه مسلم (١/ ٢٠٣).
(٣) الديباج على مسلم، للسيوطي (٢/ ١١).
(٤) التيسير بشرح الجامع الصغير ـ للمناوي (٢/ ٢٤١).
(٥) تحفة الأحوذي، للمباركفوري (٦/ ١٤٣).
(٦) تحفة الأحوذي، للمباركفوري (٦/ ١٤٣).

<<  <   >  >>