للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ" التفضيل لهذا الرباط على غيره من الرباط في الثغور، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: "فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ" يريد أنه أفضل أنواعه، ولذلك يقول القائل: جهاد النفس هو الجهاد، يريد أنه أفضل. ويحتمل أن يريد أنه الرباط الممكن المتيسر. وقد قال الشيخ أبو إسحاق الشيرازي: إن ذلك من ألفاظ الحصر وإنما تكرر قوله: "فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ" على معنى التعظيم لشأنه. ويحتمل أن يكون كرر ذلك على عادته صلى الله عليه وسلم في تكرار كلامه ثلاثًا إلا أنه لا يخلو في ذلك من فائدة التعظيم والإفهام أو غيرهما (١).

وعن أنس رضي الله عنه قال: نَظَرْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ، حَتَّى كَانَ شَطْرُ اللَّيْلِ يَبْلُغُهُ، فَجَاءَ فَصَلَّى لَنَا، ثُمَّ خَطَبَنَا فَقَالَ: "أَلَا إِنَّ النَّاسَ قَدْ صَلَّوْا ثُمَّ رَقَدُوا، وَإِنَّكُمْ لَمْ تَزَالُوا فِي صَلَاةٍ مَا انْتَظَرْتُمُ الصَّلَاةَ". قَالَ الْحَسَنُ البصري رحمه الله: وَإِنَّ الْقَوْمَ لَا يَزَالُونَ بِخَيْرٍ مَا انْتَظَرُوا الْخَيْرَ" (٢).

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا يَزَالُ الْعَبْدُ فِي صَلَاةٍ مَا كَانَ فِي مُصَلَّاهُ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ، وَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ حَتَّى يَنْصَرِفَ، أَوْ يُحْدِثَ". قُلْتُ: مَا يُحْدِثُ؟ قَالَ:


(١) المنتقى شرح موطأ مالك، عند حديث رقم (٤٤٥).
(٢) رواه البخاري (٦٠٠) ومسلم (٦٤٠)، وقول الحسن في البخاري وليس في مسلم.

<<  <   >  >>