للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

القياسَ على خلاف رضاه، فهذا وجهُ دفع هذا السؤال.

فإن قيل: لم صرفتم شيئاً من الربح إلى المقارَض الأول، ولا ملك له في رأس المال، ولا عمل من جهته، والربح إنما يُستحق لجهتين: إحداهما - ملكُ رأس المال. والثانيةُ- العملُ على شرط الشرع؟ قلنا: معظم عقود القراض تقع على الذمة، والمقارَض الثاني تصرف على اعتقاد أن المقارَض الأول هو المالك، وكان ينويه بتصرفات الذمة، والقياسُ يقتضي وقوعها عنه، ثم الأرباح تتبع في منهاج القياس الملكَ في السلع، فاتجه صرف جميع الربح في عقود الذمة إلى العامل الأول، ولكنا في التفريع على القول القديم امتنعنا عن إجراء القياس مصلحةً للمالك الأصلي، وقطعاً للذريعة، كما تمهد، فلم يبعد إذاً صَرْفُ شيء من الربح إليه.

فإن قيل: إن صح هذا، فلا تصرفوا شيئاً من الربح إلى العامل الثاني، فإن حاله كحال المقارض مقارضة فاسدة. قلنا: إذا أشرنا إلى تأصُّل المقارض الأول؛ فقد جرت منه معاملةٌ مع الثاني، وإذا كنا نجيز التصرفات الفاسدة في القياس، احتمل هذا المسلكُ الوفاءَ للعامل الثاني.

فإن لجَّ السائلُ وقال: تَدْوارُكم على عقود الذمة، فيلزمكم أن تخالفوا هذا القياسَ في العقود الواردة على الأعيان. قلنا: مبنى هذا القول على التسوية بين تصرف العين والذمة، [ثم] (١) يقع من قياس انصراف عقود الذمة إلى المقارض الأول تصرفاتٌ على تلك الأعيان التي يقتضي القياس وقوعها له، ومبنى هذا القول على ترك البحث وإجراء الأمر على ظواهر الحال؛ إذْ لو كنا نبحث عنها، لما قلنا بالقول القديم أبداً؛ فأقصدُ الطرق إجراء الربح على ما قاله المزني تفريعاً على القديم. هذا مع علمنا بأن هذا القولَ فاسدٌ من أصله، وإنما نلتزم تقريبَ القول على قاعدة القول القديم (٢) في الخروج عن هذه الإشكالات. والذي ذكرناه أفضى للإشكال.


(١) في الأصل: لم.
(٢) عبارة الأصل: القول القديم ثم في الخروج عن الإشكالات. (بزيادة "ثم") والمثبت عبارة (هـ ٣)، (ي).