للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

على تقدير أن المالك هو المقارض الأول، فلا شك أن الأول ضامنٌ غاصب، وكذلك الثاني، والتصرفات التي جرت من العامل الثاني لا تقع عن المالك الأصلي على القول الجديد، فإن ما كان منها على عين المال مردود باطل، وما كان على الذمة، فلا ينصرف إلى المالك، ولكنه ينصرف إلى المقارَض الأول؛ فإنه هو الآمر الموكّل في حق الثاني، والثاني ينويه بتصرفات الذمة، ولا يكاد يخفى تفريع القول الجديد، وإنما الغرض تفريع القراض على القول القديم.

فالذي نقله المزني عن الشافعي في (السواد) (١) وهو الذي فهمه الأئمة من نقله:

أن المالك لو قارض الأول على [شطر] (٢) الربح، ثم قارض الأولُ الثاني على شطر الربح، فإذا نفذنا عقود المقارَض الثاني، وتصرفاته، وخرّجناها على حكم الصحة، فالمالك يسترد رأسَ المال، ويأخذ نصفَ الربح لجهة القرض، ثم المقارَضُ الأول والثاني يقتسمان النصف الباقي نصفين.

هذا جواب الشافعي على القول القديم، وأصل هذا القول مشكلٌ، لا يستريب الفقيه في ميله عن القياس، وهذا التفريع مائل عن قياس القول القديم. ولا يتضح الغرض إلا بأسئلة وأجوبةٍ عنها.

٤٩٢٧ - فإن قيل: قياس القول القديم تنفيذُ التصرفات الواقعة على خلاف الإذن للمالك، وصرف جميع الأرباح إليه، وقد أوضحنا أن المقارَض الثاني في حكم الغاصب، والغاصب إذا تصرف في المال المغصوب نفذت تصرفاتُه، وانصرفت أرباحها إلى المالك. هذا سؤالٌ متّجهٌ.

ولكن يجوز أن يقال: نحن إنما نصرف عقودَ الذمة إلى المالك من غير إذن منه على خلاف القياس قطعاً، لتذرعّ الغصاب إلى التصرف في الأموال المغصوبة بوسائط عقود الذمة، فإذا كنا نرعى حق المالك، ونخالف القياس في صرف عقود الذمة إليه، فإذا تقدم منه الرضا [بشطر] (٣) الربح ابتداءً، لم نزد له على ما رضي، ولم نخالف


(١) السواد: هو مختصر المزني، كما سبق ذلك مراراً وتكراراً. وهذا النقل من المختصر: ٣/ ٦٤.
(٢) في الأصل: شرط.
(٣) في الأصل: بشرط.