للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما أحجار الحديد، فقد كان شيخي يتردد فيها، ولا يبعد أن تُلحق بالإثمد.

والمعتبر في هذا أمر قريب عندي، وهو أن الإثمد جوهرٌ متّحدٌ، وليس كامناً في حجره، وإنما الذي يشار إليه إثمدٌ كله، وليس كذلك [حجر] (١) الحديد، فإنه حجرٌ فيه حديد كامنٌ، وليس الإثمد كحجر النُّورة، فإن الأحجار كلَّها -إلا ما شاء الله منها- حجرُ (٢) النورة. والإثمد جوهر كله من غير أن يحرق ويشوى، وهو كالمغنيسيا (٣)، والمرقشيثا (٤)، والطَّلْق (٥).

فهذا هو القول فيما يُرمَى.

٢٦٨٠ - ويتصل بذلك القول في الحجر الذي رُمي به مرة، فأريد استعمالُه في رميٍ آخر، فإنْ تعدَّدَ الشخصُ، أو الجمرة، أو الوقت، لم يمتنع وفاقاً. فإذا رمى شخصٌ حصاةً إلى جمرتين، فرماها إلى جمرةٍ، ثم أخذها ورماها إلى الأخرى، أو رماها شخص إلى جمرةٍ، فأخذها شخص آخر من تلك الجمرة، ورماها إلى تلك الجمرة بعينها، في ذلك اليوم، أجزأ ذلك.

وكذلك إذا تعدد الزمان، واتحد الشخص والجمرة، بأن رمى إلى جمرةٍ حصاةً في يوم، ثم رماها في اليوم الثاني إلى تلك الجمرة ذلك الشخص، كل ذلك يجزىء. وإن اتحد اليوم، والجمرةُ، والرامي، ففي المسألة وجهان: أظهرهما المنع؛ لاتحاد الأسباب، والعدد مطلوبٌ معنيّ. وقال قائلون من الأصحاب: يجزىء ذلك، كصور الوفاق؛ فإن الرمي قد تعدد، فلا اعتبار بَعْده باتحادٍ وتعددٍ.

هذا أحد المقاصد في الفصل.


(١) ساقطة من الأصل.
(٢) مزيدة من (ط)، (ك).
(٣) المغنيسيا: حجر يستخدم في الصناعات بما يحويه من المعادن، وهو ألوان وأصناف كثيرة (الجامع لابن البيطار).
(٤) المرقشيثا: صنف من الحجارة، يستخرج منه النحاس (الجامع لابن البيطار).
(٥) الطّلق: حجر برّاق شفاف ذو أطباق، يُطحن فيكون مسحوقاً يذر على الجسد، فيكسبه برداً ونعومة (معرّب)، (المعجم).