(مسألة) في رجل أراد الاستدانة من رجل فقال: أعطيك كل مائة بكسب كذا. وتبايعا بينهما شيئا من عروض التجارة؛ فلما استحق الدين طالبه بالدين، فعجز عنه فقال: اقلب علي الدين بكسب كذا وكذا في المائة، وتبايعا بينهما عقارا، وفي آخر كل سنة يفعل معه مثل ذلك، وفي جميع المبايعات غرضهم الحلال. فصار المال عشرة آلاف درهم، فهل يحل لصاحب الدين مطالبة الرجل بما زاد في هذه المدة الطويلة؟ وهل لولي الأمر إنكار ذلك أم لا؟
(فالجواب) : قول القائل لغيره: أدينك كل مائة بكسب كذا وكذا حرام. وكذلك إذا حل الدين عليه وكان معسرا، فإنه يجب إنظاره؛ ولا يجوز إلزامه بالقلب عليه باتفاق المسلمين. وبكل حال فهذه المعاملة وأمثالها من المعاملات التي يقصد بها بيع الدراهم بأكثر منها إلى أجل هو معاملة فاسدة ربوية، والواجب رد المال المقبوض فيها، إن كان باقيا، وإن كان فانيا رد مثله؛ ولا يستحق الدافع أكثر من ذلك. وعلى ولي الأمر المنع من هذه المعاملات الربوية، وعقوبة من يفعلها، ورد الناس فيها إلى رؤوس أموالهم دون الزيادات؛ فإن هذا من الربا الذي حرَّمه الله ورسوله، وقد قال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} ١.