غره، وإن كانت مكسوبة من التتر والعرب الذي يغير بعضهم على بعض، فيأخذ هؤلاء من هؤلاء، وهؤلاء من هؤلاء، ولم يعرف صاحبها؛ لم يحرم على مهدي الحصان عوض هديته. والله أعلم.
وقد صرَّح شيخ الإسلام -رحمه الله- بأن هذا المنهوب يرد إلى صاحبه، أو قيمته إن تصرف فيه، ويرجع المشتري بالثمن على البائع، وإنه إن لم يعرف صاحبه ما أخذه من التتر والعرب لم يحرم عليه عوضه، فمفهومه أنه إذا عرف صاحبه، فعوضه حرام على من اعتاض عنه لكونه ظهر مستحقا لمسلم معصوم. وهذا –أيضا- يفيد ما تقدم من قوله: فمن اشترى مال مسلم من التتر إن لم يعرف صاحبه صُرِفَ في المصالح... إلخ. وهو صريح في أن التتر لا يملكون مال المسلم بالاستيلاء والحيازة. ومن العلوم أن التتر من أعظم الناس كفرا لما جمعوه من المكفرات في الاعتقادات والأعمال، ومع ذلك قال شيخ الإسلام: يرد ما أخذوه لصاحبه المسلم من غير أن يدفع إلى مشتريه منهم شيئا، كما يفيده الجواب الثاني. ولم يقل فيه أنه لا يحرم على من اعتاض عن الحصان شيئا إلا بقيد عدم معرفة صاحبه بناء على أصله في الأموال التي جهلت أربابها؛ ولذلك قال في المكوس: إذا أقطعها الإمام الجند هي حلال لهم إذا جهل مستحقها.
وبهذا يظهر الجواب عن المسألة التاسعة، وهو أن ما دفع في هذه السنين من النهب والظلم يرد ما وجد منه إلى مالكه، من غير أخذ ثمن ولا قيمة، وحكم يد المشتري منهم حكم الأيدي المترتبة على يد الغاصب؛ لما تقرر من أن الخلاف إنما جرى في حق الكافر الأصلي، وأما المرتد ونحوه فالقول بأنه لا يملك مال المسلم مسألة وفاق.