للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وجارية من الأنصار، فأقامت عندهم أياما، ثم خرجت في بعض الليل، قالت: فما وضعت يدي على ناقة إلا رغت حتى وضعتها على ناقة ذلول فامتطيتها، ثم توجهت إلى المدينة، ونذرت إن نجاني الله عليها أن أنحرها، فلما قدمت المدينة استعرفت الناقة، فإذا هي ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذها، وقلت: يا رسول الله إني نذرت أن أنحرها. قال: بئسما جزيتها لا نذر في معصية الله." وفي رواية: "لا نذر فيما لا يملك ابن آدم" ١.

هذا هو الحديث المشار إليه فيما تقدم، وقد عرفت من كلام شيخ الإسلام المتقدم أن من العلماء من قال يرده على مالكه المسلم ولو أسلم عليه، وعزاه للشافعي وأبي الخطاب، وذكر ما يدل لهذا القول، وأنا أذكر ما يدل لهذا القول أيضا، وإن لم يذكره شيخ الإسلام وهو ما رواه٢ في صحيحه عن وائل بن حجر قال: "كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فأتاه رجلان يختصمان في أرض، فقال أحدهما: إن هذا انتزى على أرضي يا رسول الله في الجاهلية، وهو امرؤ القيس بن عابس الكندي وخصمه ربيعة بن عبدان، قال: بينتك؟. قال: ليس لي بينة، قال: يمينه. قال: إذن يذهب بها. قال: ليس لك إلا ذلك" ٣ ... الحديث.

وأما حكم ما أخذه المسلمون منهم مما قد أخذوه من مال المسلم، فالجمهور من العلماء يقولون: إذا علم صاحبها قبل قسمها ردت إليه بغير شيء. قال الشارح في قول عامة أهل العلم، منهم عمر وسلمان بن ربيعة وعطاء والنخعي والليث والثوري ومالك والأوزاعي والشافعي وأصحاب الرأي، وحجتهم ما تقدم من قصة ابن عمر، قال في "الشرح": وكذلك إن علم الإمام بمال مسلم قبل قسمه وجب ردُّه، وصاحبه أحق به بغير شيء، لأن قسمته صارت باطلة من


١ النسائي: الأيمان والنذور (٣٨١٢) , وأبو داود: الأيمان والنذور (٣٣١٦) , وابن ماجه: الكفارات (٢١٢٤) , وأحمد (٤/٤٢٩,٤/٤٣٠,٤/٤٣٢) , والدارمي: النذور والأيمان (٢٣٣٧) .
٢ بياض في الأصل.
٣ مسلم: الإيمان (١٣٩) , والترمذي: الأحكام (١٣٤٠) , وأبو داود: الأيمان والنذور (٣٢٤٥) والأقضية (٣٦٢٣) , وأحمد (٤/٣١٧) .

<<  <   >  >>