أو تطوع بأنه ينويه هدياً ولا يوجبه بلسانه ولا بتقليده وإشعاره وتدوم نيته فيه قبل ذبحه أو عجز الهدي عن المشي إلى محله لزمه تذكيته موضعة مجزئاً.
ويستحب له أن يصبغ نعل الهدي التي في عنقه في دمه ثم يضرب بها صفحته ليعرفه الفقراء فيأخذوه، وبهذا قال الشافعي: ويحرم عليه وعلى خاصة رفقته ولو كانوا فقراء الأكل من الهدي العاطب ولو تطوعا ما لم يبلغ محله، وقال مالك: يباح لرفقته ولسائر الناس الأكل غير صاحبه أو سائقه ولا يأمر أحداً يأكل منه فإن أكل أو أمر من أكل أو ادخر شيئاً من لحمه ضمنه، وحجة الحنابلة ومن وافقهم ما روى ابن عباس أن ذؤيباً أبا قبيصة حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبعث معه بالبدن ثم يقول:(إن عطب منها شيء فخشيت عليها موتاً فأنحرها ثم اغمس نعلها في دمها ثم اضرب به صفحتها ولا تطعمها أنت ولا أحد من أهل رفقتك) . رواه أحمد ومسلم وابن ماجة ولا يصح قياس رفقته على غيرهم لأن الإنسان يشفق على فقته ويحب التوسعة عليهم وربما وسع عليهم من مؤنته، وإنما منع السائق ورفقته من الأكل لئلا يقصر في حفظها فيعطبها ليأكل هو ورفقته منها فتلحقه التهمة لنفسه ورفقته فحرموها لذلك، فإن أكل السائق من الهدي العاطب أو باع منه لأحد أو أطعم غنياً أو أطعم رفقته ضمنه لتعديه بمثله لحماً لأنه مثلي، وإن أطعم منه فقيراً أو أمره بالأكل منه فلا ضمان لأنه أوصله إلى مستحقه كما لو فعله بعد بلوغه محله، وإن أتلف الهدي أو تلف الهدي بتفريطه أو تعديه أو خاف عطبه فلم ينحره حتى هلك فعليه ضمانه كسائر الودائع إذا فرط فيها أو تعدى يوصل بدل الهدي إلى فقراء الحرم لأنهم مستحقوه وإن فسخ في التطوع نيته قبل ذبحه صنع به ما شاء من بيع وأكل وإطعام لرفقته لأنه لحم.