للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال عليه الصلاة والسلام: (إن الله لا ينظر إلى من جر ثوبه خيلاء) . ومنها الإصرار على الكبائر، من يطمع في العتق من النار يمنع نفسه من الرحمة بالإصرار على كبائر الإثم والأوزار، بالله ما نصحت لنفسك ولا وقف على طريقك غيرك. توبق نفسك بالمعاصي فإذا حرمت المغفرة. قلت من أين هذا (قل هو من عند أنفسكم) .

فنفسك لُم ولا تلم المطايا ... ومت كمداً فليس لك اعتذار.

إذا كنت تطمع في العتق من النار فاشتر نفسك من الله فإن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة. من كرمت عليه نفسه هان عليه كل ما يبذل في انفكاكها من النار. اشترى بعض الصالحين نفسه من الله ثلاث مرات أو أربعا فتصدق بوزنه فضة. واشتر عامر بن عبد الله بن الزبير نفسه من الله ست مرات يتصدق بها، واشترى حبيب نفسه من الله بأربعين ألفاً تصدق بها، وكان أبو هريرة رضي الله عنه يسبح كل ليلة اثنتي عشرة ألف تسبيحة يفك بذلك نفسه. من عرف ما يطلب هان عليه ما يبذل. ويحك قد رضينا منك بفكاك نفسك بالندم وقنعنا منك بثمنها بالتوبة والحزن وفي هذا الموسم قد رخص السعر. من ملك سمعه وبصره ولسانه غفر له. مد غليه يد الاعتذار وقم على بابه بالذل والانكسار وارفع قصة ندمك على صحيفة خدك بمداد الدموع الغزار. وقل: (ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين) . كانت أحوال الصادقين في الموقف فر عفة تتنوع: فمنهم من كان يغلب عليه الخوف والحياء. توافق مطرف بن عبد الله بن الشخير وبكر المزني فقال أحدهما: اللهم لا ترد أهل الموقف من أجلي، وقال الآخر: ما أشرفه من موقف وأرجاه لأهله لولا أني فيهم. وقف الفضيل بعرفة والناس يدعون وهو يبكي بكاء الثكلى

<<  <  ج: ص:  >  >>