الغرام الساكن فإنه ذكر أن الحسن بن علي حج خمس عشرة حجة ماشياً، وذكر غيره خمسا وعشرين والجنائب تقاد معه. قلت: أما الوقوف بعرفة فقد وقف النبي صلى الله عليه وسلم بها راكبا، ولنا به صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، قال شيخ الإسلام: وتختلف أفضلية الحج راكباً أو ماشياً بحسب الناس، والركوب واقفاً أفضل انتهى ويرفع يديه واقف بعرفة ولا يجاوز بهما رأسه.
(تنبيه) : إذا كان بعرفة غرباً عن جبل الرحمة الذي وقف عنده صلى الله عليه وسلم أو شمالاً أو جنوباً عنه، فإن لا يستقبل الجبل المذكور وإنما يستقبل القبلة هذه هي السنة، وقد رأيت أكثر الحجاج حين الوقوف بعرفات يستقبلون الجبل ويدعون وهم متوجهون إلى الشرق أو الجنوب أو الشمال ويقولون نحن نشاهد الجبل، وغالبهم لا يطمئن إلا برويته للجبل في منزله بعرفه وحين الدعاء فينبغي التنبه لهذا وتبيه الناس على استقبال القبلة حين الوقوف والدعاء، أما إذا كان الواقف بعرفات شرقاً عن جبل الرحمن فإنه إذا استقبله يكون مستقبلاً للقبلة ولكن ليس هو موقف النبي صلى الله عليه وسلم الذي وقف فيه بعرفة كما يأتي، والله أعلم.
(تنبيه آخر) : السنة أن يقف بعرفات عند الصخرات لحديث جابر المتقدم، وفيه (فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات وجعل حبل المشاة بين يديه واستقبل القبلة) والصخرات المذكورات لم أر من الفقهاء ولا من مؤلفي المناسك ولا من شراح الحديث من عيَّن موضعها، وفي تواريخ مكة شيء من بيان موضعها لكنه غير محرر فلا يكفي ولا يشفي، ولم أعلم إلى ساعتي هذه من حرر موضعها تحريراً واضحاً، وقد صار عادة أهل نجد سابقاً ولاحقاً يقفون هناك على الإبل في حفرة شرقاً عن جبل الرحمة وهم فيها مستقبلون للقبلة