للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولز «١»

«.. هل تراك علمت قط أن رجلا على غير كريم السجايا مستطيع أن يتخذك صديقا؟ ذلك أن من عرفوا محمدا- صلّى الله عليه وسلم- أكثر من غيرهم، كانوا أشد الناس إيمانا به، وقد آمنت به خديجة- رضى الله عنها- كل حياته على أنها ربما كانت زوجة محبة. فأبو بكر- رضي الله عنه- شاهد أفضل وهو لم يتردد قط فى إخلاصه.

كان يؤمن بالنبى- صلّى الله عليه وسلم- ومن العسير على أى إنسان يقرأ تلك الأيام إلا أن يؤمن بأبى بكر- رضي الله عنه-، وكذلك على- رضي الله عنه- فإنه خاطر بحياته من أجل النبى- صلّى الله عليه وسلم- فى أحلك أيامه سوادا..» «٢» .

«حج محمد- صلّى الله عليه وسلم- حجة الوداع من المدينة إلى مكة، قبل وفاته بعام، وعند ذاك ألقى على شعبه موعظة عظيمة.. إنّ أول فقرة فيها تجرف أمامها كل ما بين المسلمين من نهب وسلب ومن ثارات ودماء، وتجعل الفقرة الأخيرة منها الزنجى المؤمن عدلا للخليفة.. إنها أسست فى العالم تقاليد عظيمة للتعامل العادل الكريم، وإنها لتنفخ فى الناس روح الكرم والسماحة، كما أنها إنسانية السمة ممكنة التنفيذ، فإنها خلقت جماعة إنسانية يقل ما فيها مما يغمر الدنيا من قسوة وظلم اجتماعى، عما فى أى جماعة أخرى سبقتها» «٣» .

«لقد منح (العرب) العالم ثقافة جديدة، وأقاموا عقيدة لا تزال إلى اليوم من أعظم القوى الحيوية فى العالم، أما الرجل الذى أشعل ذلك القبس العربى فهو محمد- صلّى الله عليه وسلم-» «٤» .


(١) هربرت جورج ولز H.G.Wells (١٩٤٦ -١٨٦٦) الكاتب والأديب البريطانى المعروف. حصل على بكالوريوس العلوم سنة ١٨٨٨، تولى التدريس بضع سنين ثم انصرف للتأليف. اشتهر بقصصه الذى يعتمد الخيال العلمى من مثل (آلة الزمن) و (الرجل الخفى) ، فضلا عن رواياته النفسية والاجتماعية من مثل (ميكافيللى الجديد) و (الزواج) . ولم يغافل ولز البحث فى التاريخ فأنجز عام ١٩٢٠ (معالم تاريخ الإنسانية) وأعقبه ب (موجز تاريخ العالم) . وكان آخر كتاب أصدره، هو (العقل فى أقصى توتراته) . ولولز فى السيرة الذاتية كتاب بعنوان: (تجربة فى كتابة السيرة الذاتية) .
(٢) معالم تاريخ الإنسانية، ٣/ ٦٤١.
(٣) نفسه، ٣/ ٦٤٠- ٦٤١.
(٤) موجز تاريخ العالم، ص ٢٠٠- ٢٠١.

<<  <   >  >>