للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وإنما هذا التشبيهُ تنفيرٌ وتحذيرٌ لمن اشتراها بالآخرةِ، ويؤْثرُها عليها، وأما بالنسبةِ إلى مَن باعَها بالآخرةِ وعلمَ سرعةَ نفادِها (١)، واتخذ منها زادَهُ، وتركَها واختار الباقيةَ فهي متاعُ (٢) العبورِ لا الغرورِ، والغرورُ مصدرٌ، والإضافةُ للملابسةِ.

* * *

(١٨٦) - ﴿لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾.

﴿لَتُبْلَوُنَّ﴾؛ أي: والله لتُختَبرُنَّ ﴿فِي أَمْوَالِكُمْ﴾ بتكليفِ الإنفاق وما يصيبُهُ من الآفات ﴿وَأَنْفُسِكُمْ﴾ بالجهاد والقتلِ، والأسرِ والجَرحِ، وما يَردُ عليها من المخاوفِ والأمراضِ والمتاعب.

﴿وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا﴾: من هجاءِ الرسولِ ، والطعنِ في الدين، وإغراءِ الكفرةِ على المسلمينَ.

أخبرَهم بذلك قبلَ وقوعِها ليوطِّنوا أنفسَهم على الصبرِ والاحتمالِ، ويستعدُّوا للقائها حتى لا يرهقَهم نزولها فيفوتَهم الصبرُ والأجرُ والكرامةُ.

﴿وَإِنْ تَصْبِرُوا﴾ على ذلك ﴿وَتَتَّقُوا﴾ مخالفةَ أمرِ الله ﴿فَإِنَّ ذَلِكَ﴾ يعني: الصبرَ والتقوى ﴿مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾: من معزومات الأمورِ؛ أي: مما يجبُ العزمُ عليه من الأمورِ، أو مما عزم الله أن يكونَ منكم، وقطعَه عليكُم، وبالغَ فيه.


(١) في (ف) و (ك) و (م): "نفاذها".
(٢) في (م) زيادة: "الغرور" ولعله من خطأ الناسخ.