للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قهرهِ، مرجوٌّ (١) لسعةِ رحمتِهِ ورأفتِهِ ولطفِهِ؛ كقوله (٢): ﴿إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ﴾ [فصلت: ٤٣].

* * *

(٣١) - ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾.

﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي﴾: المحبةُ أمرٌ وجدانيٌّ لا يمكن تعريفُه بحسب الحقيقَةِ كما قيلَ:

حَقِيقةُ الحبِّ لا تُحكَى لفاقدِها … والواجِدُ استبشَعَ التعريفَ بالقيلِ

لا يعرِفُ الشمسَ إلا مَن يُشاهِدُها … للكُمهِ في تعريِفها عينُ تضليلِ

وأثرها الحادثُ في القلبِ: ميلٌ إلى المحبوبِ لكمالٍ أُدركَ فيهِ بحيثُ يحملها (٣) على ما يقرِّبه إليهِ، فمحبةُ اللهِ تعالى تقتضِي إرادةَ طاعتهِ، والرغبةَ فيما يقرِّبهُ إليهِ، فلذلك فُسِّرت المحبةُ بإرادةِ الطاعةِ، وجُعلتْ مستلزمةً لاتِّباعِ الرسولِ في عبادتِهِ والحرصِ على طاعتهِ.

﴿يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ﴾: جوابٌ للأمر (٤)؛ أي: يرضى عنكُم، ويقرِّبُكم مِن جنابِ عزِّهِ، ويبوِّئكم في جوارِ قُدسِهِ، عبَّرَ عن ذلك بالمحبةِ على طريقِ الاستعارةِ والمشاكلةِ (٥).


(١) في (د): "مرجو"، والصواب المثبت.
(٢) في (ك) و (ف): "لقوله ".
(٣) قوله: "يحملها"، كذا في النسخ بتأنيث الضمير مع أنه لم يتقدمه مؤنث حتى يعود عليه، لكنه يستقيم على عبارة البيضاوي في "تفسيره" (٢/ ١٣): (المحبة: ميل النفس إلى الشيء لكمال أدركته فيه بحيث يحملها .. ).
(٤) في (ك) و (م): "الأمر".
(٥) في (د): "أو المشاكلة".