للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل: الحُقْبُ ثَمانونَ سَنةً أو سَبعونَ ألفَ سَنةٍ، فعلى تَقدِيرِ صحَّتهِ ليس فيه ما يَقتضِي تَناهِيَ تلك الأحقابِ (١) حتَّى يُعارِضَ مفهومُهُ منطُوقَ الدالِّ على خُلودِ الكفَّار (٢)؛ لجوازِ أنْ يكونَ أحقابًا مُترادِفةً كلَّما مضَى حُقبٌ تَبعَهُ حُقبٌ آخرُ إلى غيرِ النِّهايةِ، وإنَّما استُعيرَ جَمعُ القِلَّة للكَثرةِ (٣) مُحافظةً للفَاصِلةِ.

* * *

(٢٤ - ٢٥) - ﴿لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا (٢٤) إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا﴾.

﴿لَا يَذُوقُونَ﴾؛ أي: غيرَ ذائِقينَ، حالٌ مِن ضَميرِ ﴿لَابِثِينَ فِيهَا﴾ (٤)؛ أي: في تلك الأحقَابِ، ويَجوزُ أن يَكونَ ﴿أَحْقَابًا﴾ مَنصُوبًا بـ ﴿لَا يَذُوقُونَ﴾ على أنَّ المَعنَى أنَّهم يَلبثُونَ فيها أحقَابًا غيرَ ذائِقينَ.

﴿إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا﴾ ثُمَّ يُعذَّبون جنسًا آخرَ مِن العذابِ.

ويجوزُ أن يَكونَ جَمعَ حَقِبٍ، مِن حَقِبَ الرَّجلُ: إذا أخطَأهُ الرِّزقُ، وحَقِبَ العامُ: إذا قلَّ مَطرهُ وخَيرُهُ، فيكونُ حالًا بمعنَى: لابِثينَ فيها حَقِبينَ، ويَكونُ قَولهُ تَعالى: ﴿لَا يَذُوقُونَ﴾ تَفسِيرًا له (٥).


(١) في (ب) و (ف) و (م): "تناهي الأحقاب" وفي (ع): "التناهي لتلك الأحقاب"، والمثبت من (ي)، وهو الموافق لما في "تفسير البيضاوي" (٥/ ٢٨٠).
(٢) في هامش (ب): "فإنه نوع قصور في الفصاحة كما لا يخفى".
(٣) في (ب) و (ي): "لكثرةِ".
(٤) ودفعه أبو حيان بقوله: والذي يظهر أن قوله: ﴿لَا يَذُوقُونَ﴾ كلام مستأنف وليس في موضع الحال، و ﴿إِلَّا حَمِيمًا﴾ استثناء متصل من قوله: ﴿وَلَا شَرَابًا﴾، وأن ﴿أَحْقَابًا﴾ منصوب على الظرف حملًا على المشهور من لغة العرب، لا منصوب على الحال على تلك اللغة التي ليست مشهورة. انظر: "البحر" (٢١/ ١٩٢).
(٥) في "ع": "حاقبين". والمثبت من باقي النسخ، وهو الموافق لما في "الكشاف" (٤/ ٦٨٩).