للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿فَكَانَتْ سَرَابًا﴾ فصارتْ مِثلَ سَرابٍ، إذ تُرى على صورةِ الجِبالِ، ولم تَبقَ حَقيقَتُها؛ لتفرُّقِ أجزائِها، وانبِثاثِ جواهرها.

* * *

(٢١) - ﴿إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا﴾.

﴿إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا﴾: مَوضعَ رَصدٍ يَرصُدُ فيهِ خزنةُ النَّار الكفَّارَ، أو خزنةُ الجنَّةِ المُؤمِنينَ، لا ليَحرسوهم مِن فَيحِها في مَجازِهم عليها؛ لأنهم مُستَغنونَ عن تلك الحراسةِ لغَلبةِ نُورِهم على نارِ جَهنَّمَ، حتَّى وَردَ في صحيحِ الخَبرِ عن سيدِ البَشرِ أنَّ جَهنَّم تتأذَّى مِن نُورِهمْ عِندَ عُبورِهم (١)، وقَد مرَّ في تَفسِيرِ قوله تعالى: ﴿وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا﴾ [مريم:٧١] أنَّ المُؤمِنينَ يَمرُّونَ وهِي خامِدةٌ (٢) = بل لاستِقبالهم عِندَها؛ لأنَّ مَجازهُم عليها، والرَّاصد للشيءِ: المُراقبُ له.

أو مُجِدَّةً (٣) في تَرصُّدِ (٤) الكفَّارِ لئلَّا يَشذَّ مِنها واحِدٌ، فإنَّ مِفعَالًا مِن أبنِيةِ المُبالغةِ كالمِطعانِ.


(١) حديث "جُزْ يا مؤمن فقد أطفأ نورُك لهبي" رواه الطبراني في "الكبير" (٢٢/ ٢٥٨)، وابن عدي في "الكامل" (٦/ ٣٩٤)، وأبو نعيم في "الحلية" (٩/ ٣٢٩)، وابن الجوزي في "العلل" (١٥٣٢)، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (١٠/ ٣٦٠): فيه سليم بن منصور بن عمار، وهو ضعيف.
(٢) في "ب": "جامدة". وانظر: الكشاف: (٣/ ٣٤).
(٣) في (ب) و (ع) و (ف) و (م): "متخذة"، والمثبت من (ي)، وهو الصواب. قال الشهاب: بزنة اسم الفاعل من الجد، وهو الاجتهاد. انظر: "تفسير البيضاوي" مع حاشية الشهاب (٨/ ٣٠٦).
(٤) في (ع): "ترصيد".