﴿بَلِ﴾: إضرابٌ عن تبصُّر المشركين وهدايتهم، وإثبات أنَّ هداهُم لا يُجدي عليهم شيئًا ﴿اتَّبَعَ﴾: التفاتٌ مِن الخطاب إلى الغِيبة للإعراض والمتاركة.
﴿الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ بالشرك؛ لقوله تعالى: ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ [لقمان: ١٣].
﴿أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ﴾ حالٌ، إنَّما قيَّدهم به لأنَّ العالِمَ إذا ركبَ الهوى فربَّما يَردعه عِلْمه، وأمَّا الجاهل فهو كالبهيمة (١) لا يردُّه شيء.
﴿فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ﴾: فمَن يَقدِرُ أنْ يهديَ مَن أضلَّ اللهُ وخَذَلهُ، والفاء في ﴿فَمَنْ﴾ للسببية، والاستفهام للإنكار؛ أي: إذا اتَّبعَ الظالمون أهواءَهم جاهلينَ لا وازعَ لهم، فلا يقدر أحدٌ أنْ يهديَهم.
﴿وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ﴾: ينقذونهم مِن ضلالتهم، ويمنعونهم تَبِعاتِهم.
﴿الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ و ﴿مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ﴾ موضوعانِ موضعَ الضميرِ، والأول للتسجيل عليهم بالظلم والتعليلِ لاتِّباع الهوى، والثاني للتعليل لامتناعِ قَبولِ الهدى.
(٣٠) - ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾.
﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ﴾: تمثيلٌ للإقبال عليه والاستقامةِ إليه بحالِ مَن قَصدَ شيئًا غيرَ ملتفِتٍ عن سمتِهِ يمينًا وشمالًا؛ أي: قَوِّم وجهَك أو عَدِّله إليه غيرَ منحرفٍ عنه أصلًا، وكنايةٌ عن كمالِ الاهتمام؛ فإنَّ مَن اهتمَّ بالشيء غايةَ الاهتمام، عَقَدَ طرفَه
(١) في (ف) و (م): "كالبهمة".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute