للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٣٢) - ﴿قَالَتْ يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ﴾.

﴿قَالَتْ يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي﴾: أشيروا عليَّ ﴿فِي أَمْرِي﴾: في الأمر الذي نزل بي.

والفتوى: الجوابُ في الحادثة، اشتُقَّتْ (١) على طريق الاستعارة من الفتيِّ في السّنِّ، والمرادُ هاهنا: الإشارةُ عليها بما عندهم مِن الرَّأي.

وقصدُها بالرُّجوع إلى استشارتهم: تطييبُ نفوسِهم ليمالئوها ويقوموا معها (٢)، ولذلك قالت:

﴿مَا كُنْتُ﴾ في الزَّمان الماضي ﴿قَاطِعَةً﴾: قاضية ﴿أَمْرًا﴾؛ أي: ممضيةً حكمًا.

﴿حَتَّى تَشْهَدُونِ﴾ بكسر النون، والفتح لحنٌ؛ لأنَّ النُّون إنَّما تُفتَح في موضع الرَّفع، وهذا موضعُ النَّصب، وأصله: تَشهدونني، فحذفت النُّون الأولى للنَّصب، والياءُ لدلالة الكسرة عليها، وبالياء في الوصل والوقف (٣)؛ أي: تَحضروني؛ أي: كانت عادتي أنْ لا أبتَّ أمرًا إلَّا بحضرتكم، فكيف في هذه النَّازلة الكبرى؟!

فراجعَها الملأُ بما يُقِرُّ عينَها مِن إعلامِهم إيَّاها بأنهم أولو (٤) القوة والبأس، ثمَّ سلَّموا الأمرَ إلى نظرها، وهذه محاورةٌ حسنةٌ مِن الجميعِ.

* * *

(٣٣) - ﴿قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ﴾.

﴿قَالُوا﴾ مجيبينَ لها: ﴿نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ﴾ أرادوا بالقوَّةِ قوَّةَ الأجساد


(١) في (ف): "استفتت ".
(٢) في (ك): "ويوافقوها".
(٣) وهي قراءة يعقوب. انظر: "النشر" (٢/ ٣٤٠)، و"تفسير النسفي "، وعنه نقل المؤلف.
(٤) في (ك): "بأنهم في غاية"، وفي (م): "بأنهم هي "، وفي (ي) و (ع): "ما بهم من".