للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٧٠) - ﴿أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ﴾.

﴿أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ﴾ إضرابٌ وإنكارٌ أيضًا لقولهم: ﴿بِهِ جِنَّةٌ﴾ لأنَّهم كانوا يعلمون أنَّه أرجحُهم عقلًا، وأتقنُهم رأيًا، وأصوبُهم نظرًا.

ويجوز أن تكون الهمزة للاستفهام، و ﴿أَمْ﴾ هي المتصلة، ويكون الكلام على طريق المجادلة بالتي هي أحسن؛ أي: أيّ هذه الأمور كائنٌ، كما يقول المناظر: إنَّ الأمر لا يخلو مِن أحد هذه الأقسام، لكنَّ الأقسامَ (١) كلَّها باطلة إلَّا القسمَ الأوَّل، وهو عدم التَّدبُّر، وعبَّرَ عنه بقولِه:

﴿بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ﴾ بمخالفته أهواءَهم، فلذلك لم يتدبَّروا، وإنَّما قيَّد الحكم بالأكثر لأنَّه كان منهم مَن تركَ الإيمان استنكافًا مَن توبيخِ قومِه، أو لقلَّة فطنتِه ولعدمِ فكرَتِه، لا لكراهةِ الحقِّ.

* * *

(٧١) - ﴿وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ﴾.

﴿وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ﴾ على سبيل الفَرْضِ والتَّقدير كما تُفْرَضُ المحالاتُ ﴿أَهْوَاءَهُم﴾ في الشِّرك بأنْ كان في الوجود آلهةٌ شتَّى ﴿لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ﴾ كما سبق تقريره في تفسير قوله تعالى: ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا﴾ [الأنبياء: ٢٢].

أو: وَلَوِ اتَّبع الحقُّ الذي قام به السَّماوات والأرضُ أهواءَهم لانقلَبَ باطلًا، ولذهبَ ما قام به العالم فلا يبقى شيءٌ منه (٢).


(١) "لكن الأقسام" من (م) و (ي).
(٢) في (ف): "منه شيء".