للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ أمرَهُ بالحمد على نجاته ونجاة مَن معه؛ إشارة إلى أنَّ نجاةَ أتباعه أيضًا نعمةٌ جليلةٌ في حقِّه، وامتنانًا بها أيضًا، ولو قال: (فقولوا) لم يحصل هذا المعنى.

وأيضًا كبرياء الرُّبوبيَّة يقتضي أنْ (١) لا يترقَّى إلى الخطاب بحضرتها إلَّا نبيٌّ مثله (٢)، وأنَّ (٣) كلامه يغني عن كلامِهم، ولا يستأهل الإجابة إلا مثلُه.

* * *

(٢٩) - ﴿وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ﴾.

﴿وَقُلْ رَبِّ﴾ لَمَّا نهاه عن الدُّعاء لإنجائهم أمرَه بدعاء هو أهمُّ وأنفعُ؛ وهو أنْ يُنزلَ منزلًا مباركًا.

﴿أَنْزِلْنِي﴾ في الأرض من السَّفينة، لا في السَّفينة؛ لأنَّه عَبَّرَ عنه سابقًا بعبارة تدُّل على الصُّعود، وقد حصل الفراغ عنه وعن إظهار الامتنان بما ترتَّب عليه مِن نعمةِ النَّجاة.

﴿مُنْزَلًا مُبَارَكًا﴾: يُبارَك لي فيه، ويتسبَّب لزيادة خير الدَّارَيْن.

وقرئ: ﴿مُنْزَلًا﴾ (٤) بمعنى إنزالًا، أو موضعَ إنزال.

﴿وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ﴾ ثناءٌ مطابقٌ لمسألته، أمرَه بأن يُشفِعَه بها مبالغةً فيها وتوسُّلًا


(١) في (ف): "لأن".
(٢) في (ف) و (ك): "من مثله" بدل "نبي مثله".
(٣) في (ف): "وإن كان".
(٤) وهي قراءة أبي بكر. انظر: "التيسير" (ص: ١٥٩).