للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ورُدَّ عليه بأن بناء اسم التَّفضيل من غير الثَّلاثي المجرد شاذٌّ فلا يُقاس عليه، ولأنَّ ﴿أَمَدًا﴾ لا ينصب بأفعل؛ لأنَّه لا يعمل، ولا بـ ﴿لَبِثُوا﴾؛ لعدم سداد المعنى عليه، فإنْ زعمْتَ نصبه بإضمار فعل يدلُّ عليه ﴿أَحْصَى﴾ كما في قوله:

وأضربَ منَّا بالسُّيوفِ القوانسا (١)

[على: نضرب القوانسا] فقد أبعدْتَ المتناوَل وهو قريب، حيث أبيْتَ أنْ يكون فعلًا، ثمَّ رجعْتَ مضطرًا إلى تقديره (٢).

لكنَّه مردودٌ:

أمَّا أوَّلًا: فلأنَّ دعواه الشُّذوذَ مذهب أبي عليٍّ، وعند سيبويه هو قياس، وبه أخذ الزَّجَّاج، وعلى اختيار ابن عصفور: أنَّ الهمزة إذا كان لغير النَّقل كـ: أشكلَ الأمرُ، وأظلمَ اللَّيل، يجوز أن يقال: ما أشكلَ هذه المسألة! و: ما أظلم هذا اللَّيل! والهمزة في ﴿أَحْصَى﴾ ليست للنَّقل (٣).

وأما ثانيًّا: فلأنَّ قولَه: إن أفعل لا يعمل؛ ليس بصحيح؛ لأنَّه يعمل في التَّمييز، ومَن زعم أن ﴿أَحْصَى﴾ اسم تفضيل لم يجعله مفعولًا به، بل جعله تمييزًا، ومثله ما (٤) يقال: زيد أقطع النَّاس سيفًا.


= واحدة. انظر: "جمهرة الأمثال" (٢/ ١٠٧).
(١) عجز بيت للعباس بن مرداس، وصدره:
أكرَّ وأحمى للحقيقة منهم
انظر: "الأصمعيات" (ص: ٢٠٥)، و "الحماسة" بشرح المرزوقي (١/ ٤٤١)، و "الخزانة" (٨/ ٣١٩). والقوانس: جمع قونس، وهو أعلى بيضة الفارس.
(٢) انظر: "الكشاف" (٢/ ٧٠٦) وما بين معكوفتين منه.
(٣) انظر: "البحر المحيط" (١٤/ ٢٣٢).
(٤) في (ك) و (م): "بما".