للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿مِنْ كُلِّ مَكَانٍ﴾ من نواحيها، ولفظة: ﴿كُلِّ﴾ للتَّكثير.

﴿فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ﴾: بنِعَمه، جمع نعمة على ترك الاعتداد بالتَّاء، كدِرْعٍ وأَدْرُعٍ، أو جمع نُعْم، كبُؤْسٍ وأَبْؤُسٍ.

واختيار جمع القلَّة للتَّنبيه بالأدنى على الأعلى؛ يعني أنَّ كفران النِّعَم القليلة لَمَّا أوجبَ العذاب فكفرانُ النِّعَم الكثيرة أولى به (١).

﴿فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ﴾ لَمَّا تقدَّم ذِكْرُ الأمنِ وإيتاءِ (٢) الرِّزق قابلَهما بالجوع النَّاشئ عن انقطاع الرِّزق، وبالخوف، وقدَّم الجوع لِيَلِي المتأخِّرَ - وهو إتيانُ الرِّزق - كما في قوله تعالى: ﴿يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ﴾ [آل عمران: ١٠٦].

والإذاقة استُعيرت (٣) للإصابة، وإنَّما أوثرت عليها للدِّلالة على شدَّة التَّأثير التي تَفوت لو استعملَتِ الإصابة، والعلاقة: المشابهة بين المدرَك من أثر الضَّرر، والمدرَك من طعم المرِّ والبَشِع (٤).

واللِّباس استُعير لِمَا غَشِيَ الإنسان من أثر الجوع والخوف، وهو ضررهُما، فالغاشي هو الضَّرر لا الجوع والخوف، وإلَّا لكان ﴿لِبَاسَ الْجُوعِ﴾ تشبيهًا على حَدِّ:


(١) "به ": ليست في (م).
(٢) "إيتاء" سقط من (ك).
(٣) في (ف): "وحصر الإذاقة استعير"، وفي (ك): "وحصر الإذاقة استعيرت ".
(٤) في (ك): "والشبع "، وهو تحريف، والمثبت من (ف) و (م)، وهو الموافق لما في "الكشاف" (٢/ ٦٣٩). وفي غيره: (المر البشع) بلا عاطف. انظر: "تفسير أبي السعود" (٥/ ١٤٥)، و"حاشية الشهاب" (٥/ ٣٧٣)، و"روح المعاني" (١٤/ ٣٢٢).