للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾؛ يعني: في الآخرة عليه، وليس بتكرارٍ؛ لأنَّ الأوَّل في حقِّ الذين عاهدوا رسول الله فحفظوا، وهذا في كلِّ مَنْ آمن وعمل صالحًا.

* * *

(٩٨) - ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾.

﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ﴾؛ أي: إذا أردْتَ قراءته، وإطلاق الفعل على إرادته مِن قَبِيْلِ إطلاق المسبَّب على السَّبب مجازًا؛ لملابسته له ولزومه إيَّاه غالبًا، ودليل المجاز السُّنَّة المستفيضة، وأما الفاء فلا دلالة فيها عليه (١)، وإنَّما دلالتها على تأخير المراد بمدخولها (٢) عن (٣) المعنى المراد بـ ﴿قَرَأْتَ﴾ (٤)، وإجماعُهم على صحَّة هذا المجاز قد دلَّ على أنَّ وجود القرينة المانعة عن إرادة الحقيقة ليس بشرط فيه (٥).

﴿فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾: فاسأل اللهَ أن يعيذك من وساوسه؛ لئلا يوسوسك في القراءة.

والجمهور على أنَّه للاستحباب، ولا دلالة فيه على أن المصلِّي يستعيذ في كلِّ


(١) في هامش (م): "فيه رد على صاحب المفتاح ". ولفظ السكاكي في الاستدلال على المجاز الحاصل من كون ﴿قَرَأْتَ﴾ استعملت مكان: أردت القراءة: (بقرينهَ الفاء في ﴿فَاسْتَعِذْ﴾، والسنة المستفيضة بتقديم الاستعاذة). انظر: "مفتاح العلوم" (ص: ٣٦٦).
(٢) في (ف) و (ك): "بدخولها".
(٣) في (ف): "على".
(٤) في هامش (م): "مذكور في الهداية".
(٥) في النسخ: "فيها"، والمثبت من "روح المعاني" (١٤/ ٢٩٥)، وقد تعقب الآلوسي هذا الكلام بقوله: (ليس بشيء).