للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بعدَ التَّعميم للاهتمام به؛ تنبيهًا على فضل هذه الخصلة من بين خصال العدل والإحسان، وكذا الرَّذائل الثَّلاث المذكورة (١) بعدها، فإنَّ المنهيَّ (٢) منها داخل في الأمر بالعدل، وخُصَّتْ (٣) بالذِّكْرِ والنَّهي عنها بالانفراد؛ تنبيهًا على قُبْحها، وكونها في غاية الرَّذالة، ألا ترى أنَّ البغي هو الظُّلم المنافي لصريح العدل، فلا (٤) يفيد ذكره إلَّا التَّأكيدَ والمبالغة في التَّحذير.

﴿وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ﴾ عن الإفراط في متابعة القوَّة الشَّهوانيَّة كالزِّنا والحرص.

﴿وَالْمُنْكَرِ﴾؛ أي: ما يُنْكَر شرعًا أو عقلًا من إفراط القوَّة الغضبيَّة.

﴿وَالْبَغْيِ﴾؛ أي: الاستعلاءِ والتَّجبُّر على النَّاس والاستيلاءِ، وهو من تسلُّط القوَّة الوهميَّة على العاقلة التي يتولَّد منها (٥) الشَّيطنة؛ فتارةً يغلب الغضب ويحدث الاستكبار، وتارة يميل إلى الإفراط في باب الحكمة فتحدث الجربزة (٦) والمكر والتَّفرعُن (٧)، وتارة تغلب الشَّهوة فتورِث النَّهب وسلب الأموال وغصب حقوق النَّاس، وكلها تنافي العدالة.

ولا يوجد من الإنسان شرٌّ إلَّا وهو داخل في هذه الأقسام الثلاثة (٨) بتوسُّط


(١) "المذكورة" من (م).
(٢) في (ك) و (م): "النهي".
(٣) في (ك): "وخصصت".
(٤) في (ف): "ولا".
(٥) في (ك) و (م): "منه".
(٦) الجُرْبُزُ: الخَمث الخبيث، والمصدر: الجَزْبَرَة. انظر: "القاموس المحيط" (مادة: جربز).
(٧) في (ف): "والتنفر عن"، وفي (م): "التغير عن " وكتب على الهامش: "لعلها: التفرعن".
(٨) "الثلاثة" سقط من (ك).