﴿أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ﴾؛ أي: تلك التَّسويةُ شكرُ نعمة الله تعالى، فإذا لم تسوُّوهم بأنفسكم في ذلك فذلك هو كُفْران نعمة الله.
أو: فما المُفضَّلون في الرِّزق برادِّي رزقهم على مماليكهم، فإنَّ رزقهم ما يأكلونه، بل نحن نرزق المماليك كما نرزق الموالي، فهم - أي: الموالي والمماليك - سواءٌ في رزق الله، فلا يحسبَنَّ (١) الموالي أنَّهم يرزقونهم، فإنَّه رزقي أجريتُه إليهم، ﴿أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ﴾ حيث ينسبون رزقَ مماليكهم إلى أنفسهم لا إلى الله، ويجحدون أنَّه مِن عندِ الله، والباء في (بنعمة الله) تحمل الجحود على الكفر حملَ النَّظير على النَّظير.
وعلى الوجه الأوَّل: ﴿فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا﴾ جملة توبيخيَّة، والهمزة الدَّاخلة على الفاء التَّعقيبيَّة وتقديم ﴿أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ﴾ تقريرٌ للتَّوبيخ، وإنكار لفعلهم؛ أي: أبعدَ علمهم بأنَّ الله هو الرَّزاق، ووضوحِ دلائل ذلك بنعمة الله خاصَّةً يكفرون جاحدين لها، وعلى الوجه الثَّاني فالتَّوبيخ والإنكار إنَّما يكون في الجملة الأخيرة بالأصالة لا فيما قبلها.