للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ لما فصَّل الحيوانات المحتاج إليها غالبًا احتياجًا ضروريًّا أو غير ضروريٍّ أجملَ غيرها مما لا يُعلم كُنْهُهُ وتفاصيله؛ أي: فيكم ولكم على سبيل الامتنان، أو ما لم تحصوه ولم يكن لكم به علمٌ لكثرتها، دلالة على مزيد قدرته وحكمته، ويدخل فيه ما خلق في الجنَّة والنَّار مما لا يبلغه وَهْمُ أحدٍ ولا خطر على قلبه.

وغيَر النَّظمَ إلى المضارع استحضارًا لإيجاد ما لم يحطْ به علمًا من الأشياء النَّافعة له، والدلالة على قدرته تذكيرًا للنِّعمة، وتعجيبًا، وتقريرًا لدلائل القدرة، وتعجيزًا لما يشركون به من الآلهة.

* * *

(٩) - ﴿وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ﴾.

﴿وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ﴾، أي: عليه تعالى رحمةً وفضلًا هدايةُ الطَّريق المستقيم الموصل إلى الحقِّ، أو: عليه الطَّريق المستقيم؛ أي: يصل إليه مَن يسلكه لا محالة، كما تقول: هذا الطَّريق على موضع كذا إذا انجرت (١) إليه، والقَصْدُ مصدر بمعنى اسم الفاعل، يقال: سبيلٌ قَصْدٌ وقاصدٌ، أي: مستقيم، كأنَّه يقصد الوجه الذي يؤمُّه السَّالك، والمراد بـ ﴿السَّبِيلِ﴾: الجنس؛ لإضافة (القَصْد) إليها، ولقوله: ﴿وَمِنْهَا جَائِرٌ﴾ لا يوصِل إلى الحق لسوء استعداد صاحبه.

وقرئ: (ومنكم جائر) (٢)؛ أي: عن القصد.


(١) كذا في النسخ، ولعله: انحزت.
(٢) نسبت لعلي وابن مسعود . انظر: "المختصر في شواذ القراءات" (ص: ٧٢)، و"الكشاف" (٢/ ٥٩٦)، و"البحر المحيط" (١٣/ ٣١٣).