للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ﴾؛ أي: ممَّا يعذَّب به القوم.

﴿أَجْمَعِينَ﴾ استئناف للجواب عن سؤال إبراهيم ، وهو مذكور في موضع آخر بقوله: ﴿قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطًا قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ﴾ [العنكبوت: ٣٢]، وهذا القدْر من الاختلاف في أسلوب الكلام لا يضرُّ إذا كان المراد نقل خلاصة المعنى وحاصل المرام.

* * *

(٦٠) - ﴿إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ﴾.

﴿إِلَّا امْرَأَتَهُ﴾ استثناء من الضَّمير المجرور في ﴿لَمُنَجُّوهُمْ﴾، أو من ﴿آلَ لُوطٍ﴾ على أن يُجعل ﴿لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ اعتراضًا.

﴿قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ﴾ ﴿إِنَّهَا﴾ كسرت لأجل اللَّام في خبرها، ولولاها لفتحَتْ، وهي معلِّقة لِمَا قبلها؛ لأنَّ فعل التَّقدير يعلَّق إجراءً له مجرى القَول؛ لأنَّ التَّقديرَ بمعنى القضاء قول، أو مجرى العلم إمِّا لكونه بمعناه، أو لكونه مترتِّبًا عليه، وأمَّا تضمينه معنى العلم فلا يجدي نفعًا؛ لبقاء معنى الفعلَيْن.

وأصل التَّقدير: جعلُ الشيء على مقدار غيره.

والغابر: الباقي، والمراد: البقاء في العقوبة.

وهذه الجملة من كلام الله تعالى ذكرَتْ تقريرًا للاستثناء الواقع في كلام الملائكة؛ لأنَّ قوله تعالى: ﴿فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ﴾ صريحٌ فيه، والقصَّة واحدة، فلا مساغَ لأنْ يكون من كلام الملائكة، فالذين سَعوا في توجيه إسنادهم التقدير إلى أنفسهم بما لا يخلو عن نوعِ تعسُّفٍ لم يكن سعيهم مشكورًا.

* * *