للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بمعنى أن الإغواء الموجِب للَّعن على لسان المكلَّفين ينقضي بانقضاء التَكليف وقتَ الجزاء، فينقطع ذلك اللَّعن، ثمَّ يُجازَى بما يَنسى معه اللَّعن، ويستحقُّه (١) من أنواع العذاب، وإلَّا فاللَّعن في القيامة منصوصٌ عليه في مواضعَ من كلام الله تعالى، كقوله: ﴿ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا﴾ [العنكبوت: ٢٥]، ﴿كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا﴾ [الأعراف: ٣٨]، ﴿فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ﴾ [الأعراف: ٤٤].

وقيل (٢): حُدَّ اللَّعنُ به لأنّه أبعدُ غايةٍ يضربها النَّاس في التَّأبيد، كقوله: ﴿مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ﴾ [هود: ١٠٧].

* * *

(٣٦) - ﴿قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾.

﴿قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي﴾: فأخِّرني، والفاء متعلِّقة بمحذوفٍ دلَّ عليه سياق الكلام تقديره: فإذا جعلْتَني رجيمًا إلى يوم القيامة فأنظرني ﴿إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾ إنَّما سأل الإنظارَ (٣) طلبًا للإمهال في العقوبة.

قيل: أراد أن يجد فُسْحةً في الإغواء، أو نجاةً عن الموت؛ إذ لا موت بعد وقت البعث، فأجابه إلى الأوَّل دون الثَّاني. وما ذكرنا أهمُّ، وهو مستلزِم لما ذكره أوَّلًا، وأمَّا ما ذكره ثانيًا فمبناه ضعيف على ما ستقف عليه.

* * *


(١) في (ف) و (ك): "ويستحق".
(٢) في (ف): "قيل".
(٣) "إنما سأل الإنظار" زيادة من (م).