للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ﴾.

﴿إِلَّا إِبْلِيسَ﴾ استثناء متَّصل، وقد سبق وجهه في سورة البقرة والأعراف.

﴿أَبَى﴾ استئناف، كأن سائلًا قال: هلَّا سجد، فقيل: أبى.

﴿أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ﴾ في عبارة ﴿مَعَ﴾ إشارةٌ إلى أنَّ إبليس كان في حيِّز التَّابعين في أمر السُّجود، ومع ذلك استكبر، ولا يخفى لطف موقع هذه الإشارة حيث كان الكلام في تقبيح حاله.

* * *

(٣٢) - ﴿قَالَ يَاإِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ﴾.

﴿قَالَ يَاإِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ﴾: أيُّ غرضٍ لك في أن لا تكون ﴿مَعَ السَّاجِدِينَ﴾ لآدم.

* * *

(٣٣) - ﴿قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ﴾.

﴿قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ﴾ اللَّام لتأكيد النَّفي؛ أي: لا يصحُّ منِّي، وينافي حالي أن أسجد ﴿لِبَشَرٍ﴾ جسمانيٍّ كثيفٍ، وأنا روحانيٌ لطيفٌ.


= ويمكن الجواب من جانب المبرِّد أنّ وضعَ لفظ (كل) و (أجمعين) للتَّأكيد، وكل واحد منهما تأكيد للملائكة من جهة مستقلَّة، وذلك أن الإحاطة تفهم من قوله تعالى: ﴿فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ﴾ فيكون قوله: ﴿كُلُّهُمْ﴾ تأكيدًا من حيث الإحاطة كما في قولهم: جاءني القوم كلهم، وأيضًا يفهم من قوله تعالى: ﴿فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ﴾ سجدتهم مجتمعين دفعة، فيكون قوله تعالى: ﴿أَجْمَعُونَ﴾ تأكيدًا من حيث الدلالة على أنهم سجدوا مجتمعين دفعة كما في قولهم: جاءني القوم أجمعون، فعلى هذا ليس فيه تأسيس حتى لا يكون تأكيدًا بل حالًا. هداية الله عمر من خطه".