للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ﴾ لَمَّا نبَّه تعالى على منتهى الخلق - وهو الحشر يوم القيامة؛ أي: ما يستقرُّون فيه - نبَّههم (١) على مبدأ أصلِهم.

والصَّلصالُ: الطين اليابس الذي يُصلصِل لشدَّة يبسه، وهو غير مطبوخ، وإذا طبخ فهو فخَّار، وقيل: إذا سمع في صوته مَدٌّ عند النَّقر فهو صليل، وإذا سمع ترجيع فهو صلصلة، وقيل: هو تضعيف (صَلَّ): إذا أنتن.

﴿مِنْ حَمَإٍ﴾ صفة ﴿صَلْصَالٍ﴾؛ أي: كائنٍ من حمأ، ويجوز أن يكون بدلًا من ﴿صَلْصَالٍ﴾ بإعادة الجارّ.

والحمأُ: طينٌ تغيَّر واسودَّ من طولِ مجاورةِ الماءِ.

﴿مَسْنُونٍ﴾: مصبوبٍ مفرَّغٍ، من سَنَّ الماء: إذا صبَّه؛ أي: أُفرغ صورةَ إنسان كما تُفرغ الصورة والتَّماثيل من الجواهر المذابة، كأنه أَفرغ الحمأ فصوَّر منها تمثال إنسان أجوفَ، فيبس حتى إذا نُقر صلصل، ثم غيَّر ذلك طورًا بعد طورٍ حتى سوَّاه ونفخ فيه من روحه.

* * *

(٢٧) - ﴿وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ﴾.

﴿وَالْجَانَّ﴾: أبو الجنِّ إبليس (٢)، كما أنَّ اَدم أبو الإنس، ويجوز أن يُرادَ به الجنس، كما هو الظَّاهر من ﴿الْإِنْسَانَ﴾، فإنَّ تشعُّب الجنس لما كان من شخصٍ واحدٍ خُلق من مادة واحدة كان الجنس بأسره مخلوقًا منها.

وانتصابه بفعل يفسِّره: ﴿خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ﴾: من قبلِ خلق الإنسان.


(١) في (م): "نبأهم".
(٢) "إبليس" سقط من (م) و (ك).