للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولا يقدح فيه تكوُّنها قبل المولد؛ لجواز أن يكون لها أسبابٌ أخر.

ويجوز أن تكون ﴿مِنْ﴾ في محل الرَّفع بالابتداء، وخبره:

﴿فَأَتْبَعَهُ﴾؛ أي: طلب لحوقه، وإنما دخلت الفاء لأن ﴿مِنْ﴾ إمَّا شرطيَّة، وإمَّا موصولة مشبَّهة (١) بالشرطية، والاستثناء منقطع.

وقيل: إنه بدل من ﴿كُلِّ شَيْطَانٍ﴾، فيكون محلُّه الجرَّ.

وفيه: أنَّ الكلام موجَب فيحتاج إلى تأويله بالنَّفي، ولا ضرورة هاهنا، بخلاف قوله: ﴿فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ﴾ [البقرة: ٢٤٩]؛ فإنَّ فيه ضرورةً على قراءة الرفع، ومَن قال: أي: فتبعه ولحقه، فكأنَّه لم يفرِّق بين (تَبِعَه) و (أَتْبَعه)، والفرق قائم، يقال: أَتْبَعه إتباعًا: إذا طلب الثَّاني اللُّحوق بالأوَّل، وتَبِعه تبعًا: إذا مرَّ به فمضى معه، وكذلك اتَّبعه اتِّباعًا بالتَّشديد.

ثمَّ إنَّ ما روي عن ابن عباس بعد قوله: منعوا منها جميعًا، فما منهم من أحد يريد استراق السمع إلَّا رُمِيَ بشهابٍ قبسٍ، فإنْ أصابَه أحرَقَه، وإنْ أخطأه خبَله، فصار غولًا يضلُّ النَّاسَ في البوادي (٢) = صريح في عدم اعتبار اللُّحوق في الإتباع.

﴿شِهَابٌ مُبِينٌ﴾: ظاهر للمبصِرين.

والشِّهابُ: شعلةُ نارٍ ساطعةٌ، وإطلاقه على الكوكب والسِّنان بطريق الاستعارة؛ لِمَا فيها من البريق (٣).


(١) في (ك) و (م): "شبهت".
(٢) انظر: "التفسير البسيط" للواحدي (١٢/ ٥٦٦ - ٥٦٧)، و"تفسير الرازي" (١٩/ ١٣٠).
(٣) في (ف): "البرق".