للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الخِلقةِ القابلةِ للإسلامِ، ويُخرجَ النَّعيُ (١) عليهم شناعةَ صفتهم مُخرجَ التَّشنيعِ على فاقد البصرِ بعَدَم الإبصارِ؛ بل أرادَ الخَتْم بعدما أعرَضوا عن الحقِّ وأصرُّوا على ذلكَ على ما وردَ في قوله تعالى: ﴿بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ﴾ [النساء: ١٥٥].

وأفصَحَ عنه ما رَوى ابنُ عُمرَ مرفوعاً قال: "الطَّابعُ (٢) معلَّقٌ بقائمة العَرشِ، فإذا اشتكتِ الرَّحمُ، وعُملَ بالمعاصي، واجتُرئَ على اللهِ تعالى، بعثَ اللهُ الطابعَ فطبَعَ على قلبهِ فلا يعقِلُ بعدَ ذلكَ شيئاً" (٣).

فالإسناد إليه تعالى مجازيٌّ، لكنَّ المسنَدَ على حقيْقَتهِ (٤).

﴿عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾ أُريد بالقلب محلُّ القوَّة العاقلةِ مِن الفؤاد.

﴿وَعَلَى سَمْعِهِمْ﴾ السَّمع: محلُّ القوَّةِ السَّامعةِ مِن الأُذنِ، وكانَ في الأصلِ مصْدراً، ولذلكَ وُحِّدَ في مَواضع الأمنِ عن اللَّبسِ جَرْياً على مُقتضى الأصلِ.

وإعادةُ الجارِّ للدَّلالة على أنَّ الختْم على السَّمع بالاستقلال والأصالةِ لا تَبَعاً لختْم القلبِ؛ لأنَّ الختْمَ على السَّمع لا يتبعُ الختْمَ على القلب، بل الأمرُ على العكس، فإنَّ الختمَ على السَّمع يتبعُهُ الختْمُ على القلبِ في الجملة، ولذلكَ تركَ إعادةَ الجارِّ حيثُ قدَّمَ ختْمَ السَّمعِ على ختْم القلبِ في قوله تعالى: ﴿وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ﴾ [الجاثية: ٢٣].


(١) في "ح " و"ف": (النفي)، وفي "م": (للنعي)، والمثبت من "د" و"ك"، وهو الصواب.
(٢) في "ف" و"م": (الطابع فطبع)، وفي "ح " و"ك": (الطابع مطبع). والمثبت من "د" وهو الصواب.
(٣) رواه البزار في "مسنده" (٥٩٨١)، والعقيلي في "الضعفاء" (٢/ ١٣٩)، وابن عدي في "الكامل" (٣/ ٢٨٦). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٧/ ٢٦٩): فيه سليمان بن مسلم الخشاب، وهو ضعيف جدًّا.
(٤) في "ح " و"ف": "المسند على رد حقيقة"، ومثله في "ك" لكن بلفظ: (حقيقته).