للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٣٥) - ﴿مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ﴾.

﴿مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ﴾: صفتُها التي في غرابة المثل، تقول: مثلتُ الشيءَ: إذا وصفتَه وقرَّبته للفهم، وارتفع ﴿مَثَلُ﴾ على الابتداء في مذهب سيبويه والخبرُ محذوف؛ أي: فيما قصَصْنا عليهم مثلُ الجنة (١).

﴿تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ تفسير لذلك المثَل؛ أي: في غاية النزهة، وذلك أن العرب كانوا في عوز من الماء، فكانوا يَعدُّون هذا أعظم نزهةٍ، أو حالٌ من العائد المحذوف من الصلة.

وقيل: هي (٢) خبره على طريقة قولك: صفةُ زيدٍ أسمرُ. أو على حذف موصوف؛ أي: مَثَلُ الجنة جنةٌ تجري، فعلى هذا لفظُ المثَل على حقيقته قُصد به تمثيل الغائب في الشاهد لم يُسْتَعرْ (٣) من القول السائر للصفة الغريبة.

﴿أُكُلُهَا دَائِمٌ﴾ لا ينقطع، والأُكُل: ما يؤكل فيها.

﴿تِلْكَ﴾؛ أي: وظلُّها كذلك لا يُنسخ كما يُنسخ في الدنيا بالشمس.

﴿تِلْكَ﴾؛ أي: الجنة الموصوفة ﴿عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا﴾ عن الكفر: مآلهم ومنتهى أمرهم.

﴿وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ﴾ لا غير.

وفي ترتيب النَّظمَين إطماع للمتقين وإقناط للكفار.


(١) انظر: "الكتاب" (١/ ١٤٣).
(٢) في (م) و (ك): "هو".
(٣) في (م): "الغائب بما في الشاهد ثم استعير".